نَوْعَيْ الْقِصَاصِ كَالنَّفْسِ (وَإِنْ اشْتَرَكَ عَدَدٌ) اثْنَانِ فَأَكْثَرُ (فِي قَطْعِ طَرَفٍ) عَمْدًا (أَوْ) اشْتَرَكَ عَدَدٌ فِي (جُرْحٍ مُوجِبٍ لِقَوَدٍ، وَلَوْ) كَانَ الْجُرْحُ (مُوضِحَةً وَلَمْ تَتَمَيَّزْ أَفْعَالُهُمْ كَأَنْ وَضَعُوا حَدِيدَةً) عَلَى يَدٍ وَتَحَامَلُوا (عَلَيْهَا) جَمِيعًا (حَتَّى بَانَتْ) الْيَدُ (فَعَلَى كُلٍّ) مِنْهُمْ (الْقَوَدُ) لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ شَهِدَ عِنْدَهُ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ بِسَرِقَةٍ، فَقَطَعَ يَدَهُ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَا: هَذَا هُوَ السَّارِقُ وَأَخْطَأْنَا فِي الْأَوَّلِ، فَرَدَّ شَهَادَتَهُمَا عَلَى الثَّانِي، وَغَرَّمَهُمَا دِيَةَ الْأَوَّلِ، وَقَالَ لَوْ عَلِمْت أَنَّكُمَا تَعَمَّدْتُمَا لَقَطَعْتُكُمَا؛ وَلِأَنَّهُ أَحَدُ نَوْعَيْ الْقِصَاصِ، فَأَخَذَ فِيهِ الْجَمَاعَةَ بِالْوَاحِدِ كَالْأَنْفُسِ (وَمَعَ تَفَرُّقِ أَفْعَالِهِمْ أَوْ قَطْعِ كُلٍّ) مِنْهُمْ مِنْ (جَانِبٍ لَا قَوَدَ عَلَى أَحَدٍ) مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ كُلًّا لَمْ يَقْطَعْ الْيَدَ وَلَمْ يُشَارِكْ فِي قَطْعِ جَمِيعِهَا.
(وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ لَا قَوَدَ عَلَى أَحَدٍ مِمَّنْ ذَكَرَ (مَا لَمْ يَتَوَاطَئُوا) عَلَى تَفْرِيقِ جِنَايَاتِهِمْ كَأَنْ قَطَعَ كُلُّ إنْسَانٍ مِنْ جَانِبٍ أَوْ قَطَعَ أَحَدُهُمْ بَعْضَ الْمَفْصِلِ وَأَتَمَّهُ غَيْرُهُ، أَوْ ضَرَبَ كُلٌّ مِنْهُمْ عَلَى حَدِيدَةٍ أَوْ نَحْوِهَا ضَرْبَةً حَتَّى انْفَصَلَتْ، أَوْ وَضَعُوا مِنْشَارًا عَلَى مَفْصِلٍ ثُمَّ (جَرَّهُ) كُلُّ وَاحِدٍ إلَيْهِ مَرَّةً حَتَّى بَانَتْ الْيَدُ وَنَحْوُهَا، فَإِنْ تَوَاطَئُوا عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَفَعَلُوهُ، فَعَلَيْهِمْ الْقَوَدُ، لِمَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ اشْتَرَكَ عَدَدٌ فِي قَتْلِ وَاحِدٍ، لَكِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا تَقَدَّمَ ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ، وَهُوَ أَنَّ الْأَطْرَافَ وَنَحْوَهَا يُعْتَبَرُ فِيهَا التَّسَاوِي، وَلِذَلِكَ لَا تُؤْخَذُ الصَّحِيحَةُ بِالشَّلَّاءِ وَلَا الْيَدُ ذَاتُ الْأَصَابِعِ بِنَاقِصَتِهَا، بِخِلَافِ النَّفْسِ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ الْكَامِلُ بِالنَّاقِصِ، وَالصَّحِيحُ بِالْمَرِيضِ، وَلِأَنَّ الْجِنَايَاتِ وَقَعَتْ مُخْتَلِفَةً، فَلَوْ قَطَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ جَانِبٍ، وَأَوْجَبْنَا الْقَوَدَ، لَقُطِعَ مِنْهُ مَا لَمْ يَقْطَعْ مِثْلَهُ، وَالتَّسَاوِي شَرْطٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute