(وَمَنْ أَلْقَى حَجَرًا أَوْ عِدْلًا مَمْلُوءًا بِسَفِينَةٍ، فَغَرِقَتْ) السَّفِينَةُ بِذَلِكَ (ضَمِنَ جَمِيعَ مَا فِيهَا) وَمَا تَلِفَ مِنْ أَجْزَائِهَا؛ لِحُصُولِ التَّلَفِ بِسَبَبِ فِعْلِهِ كَمَا لَوْ خَرَقَهَا.
(وَإِنْ رَمَى ثَلَاثَةً بِمَنْجَنِيقٍ فَقَتَلَ الْحَجَرُ رَابِعًا قَصَدُوهُ) ، أَيْ: الرُّمَاةُ (فَعَمْدٌ) فِيهِ الْقَوَدُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى "؛ لِأَنَّهُمْ قَصَدُوا الْقَتْلَ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا، كَمَا لَوْ ضَرَبُوهُ بِمُثَقَّلٍ يَقْتُلُ غَالِبًا.
وَفِي " الْإِقْنَاعِ " فَإِنْ قَصَدُوهُ وَقَصَدُوا جَمَاعَةً؛ فَهُوَ شِبْهُ عَمْدٍ، وَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ خِلَافًا لَهُ (وَإِلَّا) يَقْصِدُوهُ (فَعَلَى عَوَاقِلِهِمْ دِيَتُهُ أَثْلَاثًا) ؛ لِأَنَّهُ خَطَأٌ (وَإِنْ قَتَلَ) الْحَجَرُ (أَحَدَهُمْ) ؛ أَيْ: الرُّمَاةِ (سَقَطَ فِعْلُ نَفْسِهِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ) ؛ لِمُشَارَكَتِهِ فِي إتْلَافِ نَفْسِهِ، كَمَا لَوْ شَارَكَ فِي قَتْلِ عَبْدِهِ أَوْ دَابَّتِهِ (وَعَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبِيهِ) لِوَرَثَتِهِ (ثُلُثَا دِيَتِهِ) رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ فِي مَسْأَلَةِ الْقَارِضَةِ وَالْقَارِصَةِ وَالْوَاقِصَةِ.
قَالَ الشَّعْبِيُّ وَذَلِكَ أَنَّ ثَلَاثَ جَوَارٍ اجْتَمَعْنَ، فَرَكِبَتْ إحْدَاهُنَّ عَلَى عُنُقِ الْأُخْرَى، وَقَرَصَتْ الثَّالِثَةُ الْمَرْكُوبَةَ فَقَمَصَتْ فَسَقَطَتْ الرَّاكِبَةُ فَوَقَصَتْ عُنُقَهَا، فَمَاتَتْ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى عَلِيٍّ، فَقَضَى بِالدِّيَةِ أَثْلَاثًا عَلَى عَوَاقِلِهِنَّ، وَأَلْغَى الثُّلُثَ الَّذِي قَابَلَ فِعْلَ الْوَاقِصَةِ؛ لِأَنَّهَا أَعَانَتْ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهَا وَلِأَنَّ الْمَقْتُولَ شَارَكَ فِي الْقَتْلِ فَلَمْ تَكْمُلْ الدِّيَةُ عَلَى شَرِيكِهِ، كَمَا لَوْ قَتَلُوا غَيْرَهُمْ، وَقِيَاسُهُ مَسْأَلَةُ التَّجَاذُبِ وَالتَّصَادُمِ، وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِيهِمَا.
قَالَ فِي " الْإِقْنَاعِ ": وَهُوَ الْعَدْلُ، لَكِنَّ الْمَذْهَبَ مَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ زَادُوا) ؛ أَيْ: الرُّمَاةُ (عَلَى ثَلَاثَةٍ) وَقَتَلَ الْحَجَرُ (غَيْرَهُمْ) (فَالدِّيَةُ حَالَّةٌ فِي مَالِهِمْ) ؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ مَا دُونَ الثُّلُثِ وَلَا تَأْجِيلَ فِيهِ (وَلَا يَضْمَنُ مَنْ وَضَعَ الْحَجَرَ وَأَمْسَكَ الْكِفَّةَ) فَقَطْ حَيْثُ رَمَى غَيْرُهُ كَمَنْ (أَوْتَرَ) الْقَوْسَ (وَقَرَّبَ السَّهْمَ) وَلَمْ يَرْمِ، بَلْ يَكُونُ الضَّمَانُ عَلَى الرَّامِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute