للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلِيٌّ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْمَرٍ (بِقَتْلِهِ) ؛ أَيْ: اللَّائِطِ وَالْمَلُوطِ بِهِ بِاخْتِيَارِهِ، وَمِمَّنْ قَالَ مِنْ الْأَئِمَّةِ بِقَتْلِهِ الزُّهْرِيُّ وَرَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَالِكٌ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ (عَلَى كُلِّ حَالٍ) مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ، وَقَدْ أَطْبَقَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى قَتْلِهِ، لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ مِنْهُمْ رَجُلَانِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتْ أَقْوَالُهُمْ فِي صِفَةِ قَتْلِهِ؛ فَظَنَّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ ذَلِكَ اخْتِلَافٌ مِنْهُمْ فِي قَتْلِهِ، فَحَكَاهَا مَسْأَلَةَ نِزَاعٍ بَيْنَ الصَّحَابَةِ، وَهِيَ بَيْنَهُمْ مَسْأَلَةُ إجْمَاعٍ، لَا مَسْأَلَةُ نِزَاعٍ.

رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ» رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ. وَاحْتَجَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.

وَالْمَذْهَبُ أَنَّ حَدَّ اللُّوطِيِّ كَالزَّانِي سَوَاءٌ، وَيَأْتِي (وَنَقَلَ ابْنُ الْقَيِّمِ) فِي " الدَّاءِ وَالدَّوَاءِ " وَغَيْرِهِ (قَالَ) بَعْضُ (الْأَصْحَابِ لَوْ رَأَى الْإِمَامُ تَحْرِيقَ اللُّوطِيِّ فَلَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ) ، أَيْ: الْقَوْلُ بِتَحْرِيقِ اللُّوطِيِّ (مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، فَمِنْ ذَلِكَ مَا يَثْبُتُ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَنَّهُ وَجَدَ فِي بَعْضِ ضَوَاحِي الْعَرَبِ رَجُلًا يُنْكَحُ كَمَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ فَكَتَبَ إلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَاسْتَشَارَ أَبُو بَكْرٍ الصَّحَابَةَ وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَشَدَّهُمْ قَوْلًا فِيهِ. فَقَالَ: مَا فَعَلَ هَذَا إلَّا أُمَّةٌ مِنْ الْأُمَمِ وَاحِدَةٌ، وَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلَ اللَّهُ بِهَا أَرَى أَنْ يُحْرَقَ؛ بِالنَّارِ. فَكَتَبَ أَبُو بَكْرٍ إلَى خَالِدٍ فَحَرَقَهُ.

(فَإِذَا زَنَى مُحْصَنٌ. وَجَبَ رَجْمُهُ حَتَّى يَمُوتَ بِحِجَارَةٍ مُتَوَسِّطَةٍ) كَالْكَفِّ (فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُثْخَنَ بِصَخْرَةٍ كَبِيرَةٍ، وَلَا أَنْ يُطَوَّلَ عَلَيْهِ بِحَصَيَاتٍ صَغِيرَةٍ) حَكَاهُ ابْنُ حَزْمٍ إجْمَاعًا، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رَجَمَ بِقَوْلِهِ وَفِعْلِهِ فِي أَخْبَارٍ تُشْبِهُ التَّوَاتُرَ، وَقَدْ أَنْزَلَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، ثُمَّ نَسَخَ رَسْمَهُ، وَبَقِيَ حُكْمُهُ؛ لِقَوْلِ عُمَرَ كَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةُ الرَّجْمِ الْخَبَرُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

فَإِنْ قِيلَ لَوْ كَانَتْ فِي الْمَصَاحِفِ لَاجْتَمَعَ الْعَمَلُ بِحُكْمِهَا، وَثَوَابُ تِلَاوَتِهَا. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: أَجَابَ

<<  <  ج: ص:  >  >>