للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آدَمِيٍّ، (وَإِلَّا) يَنْوِ بِذَلِكَ الزِّنَا (عُزِّرَ، وَلَوْ لَمْ يُفَسِّرْهُ بِمُحْتَمَلٍ غَيْرِ قَذْفٍ) لِارْتِكَابِهِ مَعْصِيَةً لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ (خِلَافًا لِلْمُنْتَهَى) حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ، فَإِنْ فَسَّرَهُ بِمُحْتَمَلٍ غَيْرِ الْقَذْفِ، قُبِلَ وَعُزِّرَ، فَيُفْهَمُ مِنْ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُفَسِّرْهُ أَوْ فَسَّرَهُ بِغَيْرِ مُحْتَمَلٍ يَكُونُ قَاذِفًا، وَعِبَارَةُ الْإِقْنَاعِ لَا تُؤَدِّي غَيْرَ مَا يُفْهَمُ مِنْ " الْمُنْتَهَى " فَلَوْ أَشَارَ لِخِلَافِهِمَا لَكَانَ ظَاهِرًا، وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ (أَنَّهُ لَا يَكُونُ قَاذِفًا إلَّا إنْ فَسَّرَهُ بِالزِّنَا) أَوْ نَوَاهُ؛ فَيَلْزَمُهُ بَاطِنًا، وَيَلْزَمُهُ إظْهَارُ مَا نَوَاهُ عَلَى الْأَصَحِّ (وَاخْتَارَ) أَبُو الْوَفَاءِ عَلِيُّ (ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّ أَلْفَاظَ الْكِنَايَاتِ مَعَ دَلَالَةِ الْحَالِ) كَمَا لَوْ نَشَأَتْ عَنْ خُصُومَةٍ (صَرَائِحُ) لِاسْتِحَالَةِ إرَادَةِ عَكْسِ الْمَفْهُومِ مِنْهَا. قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي الْمُشْكَلِ " التَّعْرِيضُ تَسْتَعْمِلُهُ الْعَرَبُ فِي كَلَامِهِمْ كَثِيرًا، فَتَبْلُغُ بِهِ إرَادَتَهَا بِوَجْهٍ لَطِيفٍ أَحْسَنَ مِنْ الْكَشْفِ وَالتَّصْرِيحِ؛ وَبِذَلِكَ يَقُولُ: إيَّاكَ - أَعْنِي وَاسْمَعِي يَا جَارَةُ. فَقَرِينَةُ الْحَالِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَلْفَاظِ تُحِيلُ الْمَعَانِيَ وَتَصْرِفُهَا عَنْ مَوْضِعِهَا لِعَدَمِ إمْكَانِ حَمْلِ اللَّفْظِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ التَّعْرِيضُ هُنَا كَالتَّصْرِيحِ، لِظُهُورِ دَلَالَةِ الْحَالِ فِيهِ.

وَقَدْ رَوَى الْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ رَجُلَيْنِ اسْتَبَّا فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: وَاَللَّهِ مَا أَنَا بِزَانٍ وَمَا أُمِّي بِزَانِيَةٍ، فَاسْتَشَارَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ قَائِلٌ: مَدَحَ أَبَاهُ وَأُمَّهُ، وَقَالَ آخَرُونَ: قَدْ كَانَ لِأُمِّهِ وَأَبِيهِ مَدِيحٌ سِوَى هَذَا؛ نَرَى أَنْ يَجْلِدَهُ الْحَدَّ، فَجَلَدَهُ عُمَرُ الْحَدَّ ثَمَانِينَ.

وَقَدْ ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ فِي كِتَابِ الْعِلَلِ " فِي طَرِيقِ أَحْمَدَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ اُشْتُهِرَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>