(وَلَيْسَ لِوَلَدِ مُحْصَنٍ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (قُدِفَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (مُطَالَبَةٌ) عَلَى قَاذِفِ وَالِدِهِ (مَا دَامَ وَالِدُهُ) أَيْ وَالِدُ الْمَقْذُوفِ (حَيًّا) ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ مَوْجُودٌ؛ فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ الْمُطَالَبَةُ بِدُونِ تَوْكِيلِهِ.
(فَإِنْ مَاتَ) مَقْذُوفٌ (وَلَمْ يُطَالِبْ) قَاذِفًا (بِهِ) ؛ أَيْ: الْحَدِّ (سَقَطَ) كَالشَّفِيعِ إذَا مَاتَ قَبْلَ طَلَبِ الشُّفْعَةِ، (وَإِلَّا) بِأَنْ طَالَبَ بِهِ مَقْذُوفٌ قَبْلَ مَوْتِهِ (فَلَا) يَسْقُطُ؛ لِأَنَّهُ بِمُطَالَبَةِ الْمَيِّتِ قَبْلَ مَوْتِهِ عُلِمَ أَنَّهُ قَائِمٌ عَلَى حَقِّهِ؛ فَقَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ. (وَهُوَ) ؛ أَيْ: حَدُّ الْقَذْفِ حَقٌّ (لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ وَلَوْ زَوْجًا) أَوْ زَوْجَةً (كَإِرْثٍ) لِأَنَّهُ حَقٌّ وُرِثَ عَنْ الْمَيِّتِ؛ فَاشْتَرَكَ فِيهِ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ (فَلَوْ عَفَا بَعْضُهُمْ) ؛ أَيْ: الْوَرَثَةِ (حُدَّ لِبَاقٍ) مِنْ الْوَرَثَةِ الَّذِي لَمْ يَعْفُ (كَامِلًا) لِلُحُوقِ الْعَارِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى انْفِرَادِهِ، وَلِأَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ لَا يَسْقُطُ إلَى بَدَلٍ؛ فَلَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمْ إسْقَاطَ حَقِّ غَيْرِهِ؛ فَوَجَبَ لِمَنْ لَمْ يَعْفُ كَامِلًا، كَمَا لَوْ اسْتَوْفَاهُ الْمَقْذُوفُ قَبْلَ مَوْتِهِ
(وَمَنْ قَذَفَ مَيِّتًا، وَلَوْ) كَانَ الْمَيِّتُ (غَيْرَ مُحْصَنٍ؛ حُدَّ) قَاذِفٌ (بِطَلَبِ وَارِثٍ مُحْصَنٍ خَاصَّةً) لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ يَثْبُتُ لِلْوَارِثِ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الْعَارِ؛ فَاعْتُبِرَ إحْصَانُهُ، كَمَا لَوْ كَانَ هُوَ الْمَقْذُوفَ؛ لِأَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ شُرِعَ لِلتَّشَفِّي بِسَبَبِ الطَّعْنِ وَالْفَرِيَّةِ، وَكَمَا يَلْحَقُ الْعَارُ بِقَذْفِهِ كَذَلِكَ يَلْحَقُ الْعَارُ وَارِثَ الْمَيِّتِ بِقَذْفِ مُوَرِّثِهِ؛ لِأَنَّهُ طَعْنٌ فِي أَصْلِهِ الَّذِي يَسْتَنِدُ إلَيْهِ؛ فَثَبَتَ لَهُ الْحَقُّ رَفْعًا لِلْعَارِ عَنْهُ.
(وَمَنْ قَذَفَ نَبِيًّا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ) - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كُفِّرَ (أَوْ) قَذَفَ (أُمَّهُ) ؛ أَيْ: أُمَّ نَبِيٍّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (كُفِّرَ) لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّعْرِيضِ لِلْقَدْحِ بِالنُّبُوَّةِ الْمُوجِبِ لِلْكُفْرِ (وَقُتِلَ) حَتَّى (وَلَوْ تَابَ) نَصًّا؛ لِأَنَّ تَوْبَتَهُ لَا تُقْبَلُ ظَاهِرًا (أَوْ كَانَ) الْقَاذِفُ فِي الصُّورَتَيْنِ (كَافِرًا مُلْتَزِمًا) لِأَحْكَامِنَا (فَأَسْلَمَ) بَعْدَ الْقَذْفِ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ هَا هُنَا حَدٌّ لِلْقَذْفِ.
وَحَدُّ الْقَذْفِ لَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ كَقَذْفِ غَيْرِهِمَا، وَلِأَنَّهُ لَوْ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ لَسَقَطَ حَدُّهُ الَّذِي هُوَ الْقَتْلُ؛ فَيَصِيرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute