أَحَقَّ حُكْمًا مِنْ قَذْفِ آحَادِ النَّاسِ؛ لِأَنَّ حَدَّ غَيْرِهِمْ لَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ، وَيُسْتَوْفَى مِنْهُ الْحَدُّ مَعَ تَوْبَتِهِ، وَكَوْنِهِ يُقْتَلُ - وَلَوْ قَذَفَ وَهُوَ كَافِرٌ ثُمَّ أَسْلَمَ - لِأَنَّ الْقَتْلَ هُوَ حَدُّ قَذْفِ الْأَنْبِيَاءِ وَأُمَّهَاتِهِمْ؛ فَلَا يَسْقُطُ بِالْإِسْلَامِ كَحَدِّ غَيْرِهِمْ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: قَذْفُ نِسَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَقَذْفِهِ؛ لِقَدْحِهِ فِي دِينِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقْتُلْهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ تَكَلَّمُوا قَبْلَ عِلْمِهِ بَرَاءَتَهَا وَأَنَّهَا مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ؛ لِإِمْكَانِ الْمُفَارَقَةِ فَتَخْرُجُ بِهَا مِنْهُنَّ، وَتَحِلُّ لِغَيْرِهِ.
وَلَا يُقْتَلُ كَافِرٌ سَبَّ نَبِيًّا بِغَيْرِ الْقَذْفِ ثُمَّ أَسْلَمَ؛ لِأَنَّ سَبَّ اللَّهِ تَعَالَى يَسْقُطُ بِالْإِسْلَامِ، فَسَبُّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْلَى، وَتَقَدَّمَ آخِرَ بَابِ أَحْكَامِ الذِّمَّةِ (وَلَا يُكَفَّرُ مَنْ قَذَفَ أَبَا شَخْصٍ إلَى آدَم) نَصًّا وَسَأَلَهُ حَرْبٌ عَنْ رَجُلٍ افْتَرَى عَلَى رَجُلٍ، فَقَالَ يَا ابْنَ كَذَا وَكَذَا إلَى آدَمَ وَحَوَّاءَ، فَعَظَّمَهُ جِدًّا، وَقَالَ عَنْ الْحَدِّ لَمْ يَبْلُغْنِي فِيهِ شَيْءٌ، وَذَهَبَ إلَى حَدٍّ وَاحِدٍ.
(وَيَتَّجِهُ أَوْ) ؛ أَيْ: وَلَا يُكَفَّرُ مَنْ (لَعَنَ شَرِيفًا وَأَجْدَادَهُ، أَوْ) لَعَنَ رَجُلًا (مُخْتَلَفٌ فِي نُبُوَّتِهِ كَالْخَضِرِ وَلُقْمَانَ) - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - إذَا لَمْ يَسْتَحِلَّهُ، بَلْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ غَيْظًا أَوْ سَفَهًا أَوْ عَبَثًا وَلَعْنًا كَسَبِّ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - سَبًّا لَا يَقْدَحُ فِي دِينِهِمْ أَوْ عَدَالَتِهِمْ كَسَبِّهِ أَحَدَهُمْ أَوْ إيَّاهُ سَبًّا يَقْصِدُ غَيْظَهُ وَالْكَذِبَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْغِيبَةَ لَهُمْ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَقْوَالِ الَّتِي عَلَّمَ اللَّهِ تَحْرِيمَهَا؛ فَإِنَّهُ مِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مُسْتَحِلًّا؛ كُفِّرَ، لِأَنَّ اقْتِرَانَ السَّبِّ مَعَ اعْتِقَادِ حِلِّهِ كُفْرٌ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَمَنْ قَذَفَ جَمَاعَةً يُتَصَوَّرُ زِنَاهُمْ عَادَةً بِكَلِمَةٍ) وَاحِدَةٍ كَقَوْلِهِ هُمْ زُنَاةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute