للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُؤَدِّيَيْنِ إلَى اخْتِيَارِ مَنْ هُوَ لِلْإِمَامَةِ صُلْحٌ، (وَ) يَثْبُتُ أَيْضًا (بِنَصٍّ) ؛ أَيْ: عَهْدِ مَنْ قَبْلَهُ عَلَيْهِ بِأَنْ يَعْهَدَ الْإِمَامُ بِالْإِمَامَةِ إلَى إنْسَانٍ يَنُصُّ عَلَيْهِ بَعْدَهُ، وَلَا يَحْتَاجُ فِي ذَلِكَ إلَى مُوَافَقَةِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ، كَمَا عَهِدَ أَبُو بَكْرٍ بِالْإِمَامَةِ إلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - (وَ) يَثْبُتُ أَيْضًا (بِاجْتِهَادٍ) لِأَنَّ عُمَرَ جَعَلَ أَمْرَ الْإِمَامَةِ شُورَى بَيْنَ سِتَّةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، فَوَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (وَ) يَثْبُتُ أَيْضًا (بِقَهْرِ) مَنْ يَصْلُحُ لَهَا غَيْرَهُ عَلَيْهَا (وَيَلْزَمُ الرَّعِيَّةَ طَاعَتُهُ) قَالَ: أَحْمَدُ وَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِمْ بِالسَّيْفِ حَتَّى صَارَ خَلِيفَةً، وَسُمِّيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؛ فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ يَبِيتُ وَلَا يَرَاهُ إمَامًا بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا انْتَهَى؛ لِأَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ خَرَجَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَتَلَهُ، وَاسْتَوْلَى عَلَى الْبِلَادِ وَأَهْلِهَا حَتَّى بَايَعُوهُ طَوْعًا وَكَرْهًا وَدَعَوْهُ، وَلِمَا فِي الْخُرُوجِ عَلَى مَنْ ثَبَتَتْ إمَامَتُهُ بِالْقَهْرِ مِنْ شَقِّ عَصَى الْمُسْلِمِينَ وَإِرَاقَةِ دِمَائِهِمْ وَإِذْهَابِ أَمْوَالِهِمْ.

(وَإِنَّمَا يُنَصَّبُ قُرَشِيٌّ) لِحَدِيثِ: «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» وَحَدِيثِ: «قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلَا تَقَدَّمُوهَا» وَقَوْلِ الْمُهَاجِرِينَ لِلْأَنْصَارِ: إنَّ الْعَرَبَ لَا تَدِينُ إلَّا لِهَذَا الْحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ. وَرَوَوْا لَهُمْ فِي ذَلِكَ الْأَخْبَارَ قَالَ:

أَحْمَدُ: " لَا يَكُونُ مِنْ غَيْرِ قُرَيْشٍ خَلِيفَةٌ (حُرٌّ) فَلَا يَكُونُ الْإِمَامُ رَقِيقًا وَلَا مُبَعَّضًا؛ لِأَنَّ لَهُ الْوِلَايَةَ الْعَامَّةَ؛ فَلَا يَكُونُ مُوَلًّى عَلَيْهِ (ذَكَرٌ) لِحَدِيثِ: «خَابَ قَوْمٌ وَلِيَ أَمْرَهُمْ امْرَأَةٌ» (عَدْلٌ) لِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ فِي وِلَايَةِ الْقَضَاءِ وَهِيَ دُونَ الْإِمَامَةِ الْعُظْمَى (نَاطِقٌ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) ؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا يَصْلُحُ لِأُمُورِ السِّيَاسَةِ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا كَوْنُهُ بَالِغًا عَاقِلًا؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ يَحْتَاجُ لِمَنْ يَلِي أَمْرَهُ، فَلَا يَلِي أَمْرَ غَيْرِهِ (عَالِمٌ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ) ؛ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى مُرَاعَاتِهَا فِي أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ (كُفُؤٌ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا) ؛ أَيْ: قَائِمًا بِأَمْرِ الْحَرْبِ وَالسِّيَاسَةِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ، لَا تَلْحَقُهُ رَأْفَةٌ فِي ذَلِكَ وَلَا فِي الذَّبِّ عَنْ الْإِمَامَةِ، وَأَنْ يَكُونَ ذَا بَصِيرَةٍ، وَالْإِغْمَاءُ لَا يَمْنَعُ عَقْدَهَا وَلَا اسْتِدَامَتَهَا؛؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ» ، وَيَمْنَعُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>