الْجُنُونُ وَالْخَبَلُ إذَا لَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا إفَاقَةٌ وَإِنْ كَانَا أَكْثَرَ زَمَانِهِ مَنَعَا الِابْتِدَاءَ وَالِاسْتِدَامَةَ.
وَلَا يَمْنَعُهَا ضَعْفُ الْبَصَرِ إنْ عَرَفَ بِهِ الْأَشْخَاصَ إذَا رَآهَا، وَلَا فَقْدُ الشَّمِّ وَالذَّوْقِ لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لَهُمَا فِي الرَّأْيِ وَلَا تَمْتَمَةُ اللِّسَانِ وَلَا ثِقْلُ السَّمْعِ مَعَ إدْرَاكِهِ؛ أَيْ: الصَّوْتِ إذَا عَلَا، وَلَا فَقْدُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ، بِخِلَافِ قَطْعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ لِعَجْزِهِ عَمَّا يَلْزَمُهُ مِنْ حُقُوقِ الْأُمَّةِ مِنْ الْعَمَلِ بِالْيَدِ أَوْ النَّهْضَةِ بِالرِّجْلِ، وَإِنْ قَهَرَهُ مِنْ أَعْوَانِهِ مَنْ يَسْتَبِدُّ بِتَدْبِيرِ الْأُمُورِ مِنْ غَيْرِ تَظَاهُرٍ بِمَعْصِيَةٍ وَلَا مُجَاهَرَةٍ بِشِقَاقٍ لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ اسْتِدَامَتَهُ، ثُمَّ إنْ جَرَتْ أَفْعَالُهُ عَلَى أَحْكَامِ الدِّينِ جَازَ إقْرَارُهُ عَلَيْهَا تَنْفِيذًا لَهَا وَإِمْضَاءً؛ لِئَلَّا يَعُودَ الْأَمْرُ بِفَسَادٍ عَلَى الْأُمَّةِ وَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ حُكْمِ الدِّينِ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ عَلَيْهَا، وَلَزِمَهُ أَنْ يَسْتَنْصِرَ مَنْ يَقْبِضُ عَلَى يَدَيْهِ وَيُزِيلُ تَغَلُّبَهُ.
(وَلَا يَنْعَزِلُ) الْإِمَامُ (بِفِسْقِهِ) بِخِلَافِ الْقَاضِي، لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَفْسَدَةِ، وَلَا بِمَوْتِ مَنْ يُبَايِعُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ وَكِيلًا عَنْهُ بَلْ عَنْ الْمُسْلِمِينَ
(وَيُجْبَرُ) عَلَى إمَامَةٍ (مُتَعَيِّنٌ لَهَا) ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ حَاكِمٍ؛ لِئَلَّا تَذْهَبَ حُقُوقُ النَّاسِ.
(وَهُوَ) أَيْ: الْإِمَامُ (وَكِيلُ) الْمُسْلِمِينَ (فَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ) مُطْلَقًا كَسَائِرِ الْوُكَلَاءِ (وَلَهُمْ) ، أَيْ: أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ (عَزْلُهُ إنْ سَأَلَهَا) ؛ أَيْ: الْعُزْلَةَ بِمَعْنَى الْعَزْلِ؛ لَا الْإِمَامَةِ لِقَوْلِ الصِّدِّيقِ: " أَقِيلُونِي أَقِيلُونِي " قَالُوا: لَا نُقِيلُكَ (وَإِلَّا) يَسْأَلْ الْعُزْلَةَ (فَلَا) يَعْزِلُونَهُ، سَأَلَ الْإِمَامَةَ أَوْ لَا؛ لِمَا فِيهِ مِنْ شَقِّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ.
(وَيَحْرُمُ قِتَالُهُ) ؛ أَيْ الْإِمَامِ؛ لِحَدِيثِ «مَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي وَهُمْ جَمْعٌ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ بِالسَّيْفِ كَائِنًا مَنْ كَانَ» .
(وَإِنْ تَنَازَعَهَا) ، أَيْ: الْإِمَامَةَ (كُفُؤَانِ) ابْتِدَاءً وَدَوَامًا (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا؛ فَيُبَايَعُ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ (وَإِنْ بُويِعَا) وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ (فَالْإِمَامُ) هُوَ (الْأَوَّلُ) مِنْهُمَا (وَ) لَوْ بُويِعَا (مَعًا أَوْ جُهِلَ السَّابِقُ) مِنْهُمَا (بَطَلَ الْعَقْدُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute