للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ بَيْعَتِي قُلْت: لَأَلْقِيَنَّ هَذَا الرَّجُلَ فَلَأَسْمَعَنَّ مِنْهُ، فَلَقِيتُهُ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ يَمْشُونَ، فَتَبِعْتُهُمْ فِي أَقْفَائِهِمْ حَتَّى أَتَوْا عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْيَهُودِ نَاشِرًا التَّوْرَاةَ يَقْرَأهَا يُعَزِّي نَفْسَهُ عَنْ ابْنٍ لَهُ فِي الْمَوْتِ كَأَحْسَنِ الْفِتْيَانِ وَأَجْمَلِهَا؛ فَقَالَ رَسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنْشُدُكَ اللَّهَ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى هَلْ تَجِدُ فِي كِتَابِك ذَا صِفَتِي وَمَخْرَجِي؟ فَقَالَ بِرَأْسِهِ هَكَذَا، أَيْ لَا قَالَ: فَقَالَ ابْنُهُ إي وَاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ إنَّا لَنَجِدُ فِي كِتَابِنَا صِفَتَك وَمَخْرَجَك، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّك رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ: أَقِيمُوا الْيَهُودَ عَنْ أَخِيكُمْ، ثُمَّ وَلِيَ كَفَنَهُ وَدَفْنَهُ وَالصَّلَاةَ عَلَيْهِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ

، فَجَعَلَهُ أَخًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَوَلِيَ كَفَنَهُ وَالصَّلَاةَ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْإِتْيَانِ بِالشَّهَادَتَيْنِ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ» وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعِصْمَةَ ثَبَتَتْ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهَا كَالْمُسْلِمِ، فَإِذَا أَتَى الْكَافِرُ وَالْمُرْتَدُّ بِهِمَا ثَبَتَ إسْلَامُهُ، وَانْتَفَى كُفْرُهُ وَرِدَّتُهُ، وَيَكْفِي ذَلِكَ الْقَوْلُ لِعَدَمِ زِيَادَةِ النَّصِّ عَلَيْهِ وَالْحَلُوبَةُ: الْإِبِلُ وَالْغَنَمُ الْوَاحِدَةُ مِنْهُ فَصَاعِدًا.

(وَيَتَّجِهُ أَوْ) إتْيَانُهُ (بِصَلَاةِ رَكْعَةٍ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا» الْخَبَرَ، لِأَنَّهَا رُكْنٌ يَخْتَصُّ بِهِ الْإِسْلَامُ؛ فَحُكِمَ بِإِسْلَامِهِ كَالشَّهَادَتَيْنِ.

قَالَ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ: وَلَا يَثْبُتُ الْإِسْلَامُ حَتَّى يَأْتِيَ بِصَلَاةٍ تَتَمَيَّزُ عَنْ صَلَاةِ الْكُهَّانِ، وَلَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الْقِيَامِ.

وَيَتَّجِهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ تَرْتِيبٌ لِلشَّهَادَتَيْنِ بِأَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنْ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، بَلْ لَوْ شَهِدَ بِالرِّسَالَةِ ثُمَّ شَهِدَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ؛ صَحَّ ذَلِكَ مِنْهُ وَأَنَّهُ لَا تَرْتِيبَ تَلْزَمُ (مُوَالَاةٌ فِيهِمَا) أَيْ؛ الشَّهَادَتَيْنِ بَلْ لَوْ أَتَى بِأَحَدِهِمَا ثُمَّ سَكَتَ أَوْ تَكَلَّمَ بِمَا يَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ؛ ثَبَتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>