إسْلَامُهُ وَهُوَ مُتَّجِهٌ
(مَعَ إقْرَارِ مُرْتَدٍّ جَاحِدٍ لِغَرَضٍ أَوْ) جَاحِدِ (تَحْلِيلٍ أَوْ) جَاحِدِ (تَحْرِيمٍ أَوْ) جَاحِدِ (نَبِيٍّ أَوْ) جَاحِدِ (كِتَابٍ) مِنْ كُتُبِ اللَّهِ تَعَالَى (أَوْ) جَاحِدِ (رِسَالَةِ نَبِيِّنَا) مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (إلَى غَيْرِ الْعَرَبِ بِمَا جَحَدَهُ) مِنْ ذَلِكَ؛ (وَإِلَّا) يُقِرُّ بِمَا جَحَدَهُ (لَمْ يَصِحَّ إسْلَامُهُ) ، لِأَنَّ مَنْ جَحَدَ شَيْئًا يَكْفُرُ بِجُحُودِهِ لَا يُكْتَفَى مِنْهُ الْإِتْيَانُ بِالشَّهَادَتَيْنِ لِأَنَّهُمَا لَا يَتَضَمَّنَانِ الْإِقْرَارَ بِمَا جَحَدَهُ؛ فَكُفْرُهُ بَاقٍ؛ فَلَا بُدَّ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِهِ عَنْ جَحْدِهِ، لِأَنَّهُ كَذَبَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِمَا اعْتَقَدَهُ مِنْ الْجَحْدِ، فَلَا بُدَّ فِي إسْلَامِهِ مِنْ الْإِقْرَارِ بِمَا جَحَدَهُ (أَوْ قَوْلُهُ أَنَا مُسْلِمٌ) يَعْنِي أَنَّ تَوْبَةَ الْمُرْتَدِّ وَكُلِّ كَافِرٍ إتْيَانُهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ، أَوْ قَوْلُهُ أَنَا مُسْلِمٌ وَإِنْ لَمْ يَلْفِظْ بِهِمَا لِأَنَّهُ إذَا أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ، بِمَا تَضَمَّنَ الشَّهَادَتَيْنِ كَانَ مُخْبِرًا بِهِمَا.
وَعَنْ الْمِقْدَادِ أَنَّهُ قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت لَوْ لَقِيت رَجُلًا مِنْ الْكُفَّارِ فَقَاتَلَنِي فَضَرَبَ إحْدَى يَدِي بِالسَّيْفِ فَقَطَعَهَا ثُمَّ لَاذَ مِنِّي بِشَجَرَةٍ فَقَالَ: أَسْلَمْت أَفَأَقْتُلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا قَالَ: لَا تَقْتُلْهُ، فَإِنْ قَتَلْته، فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِك قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ، وَإِنَّكَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ الَّتِي قَالَهَا» وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: «أَصَابَ الْمُسْلِمُونَ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَقِيلٍ فَأَتَوْا بِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إنِّي مُسْلِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَوْ كُنْت قُلْت وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَك أَفْلَحْت كُلَّ الْفَلَاحِ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ.
قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": وَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا فِي الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ أَوْ مَنْ جَحَدَ الْوَحْدَانِيَّةَ، أَمَّا مَنْ كَفَرَ بِجَحْدِ نَبِيٍّ أَوْ كِتَابٍ أَوْ فَرِيضَةٍ وَنَحْوِ هَذَا فَلَا يَصِيرُ مُسْلِمًا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَنَّهُ اعْتَقَدَ أَنَّ الْإِسْلَامَ مَا هُوَ عَلَيْهِ، فَإِنَّ أَهْلَ الْبِدَعِ كُلَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُمْ هُمْ الْمُسْلِمُونَ، وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ كَافِرٌ.
(وَلَا يُغْنِي قَوْلُهُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute