للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ، بِخِلَافِ طَعَامِ الْغَيْرِ؛ فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ فِي حَالِ بَيْعِ مَالِكِهِ لَهُ وَهِبَتِهِ، فَكَانَ أَخَفَّ حُكْمًا لِذَلِكَ (وَلَمْ أَقِفْ) فِي كَلَامِهِمْ (عَلَى مَفْهُومِ) قَوْلِهِمْ (يَجْهَلُ مَالِكَهُ) وَلَعَلَّ مَفْهُومَهُ إذَا كَانَ مَالِكُ الطَّعَامِ مَعْلُومًا، وَاضْطُرَّ إلَيْهِ، أَوْ خَافَ أَنْ يَضْطَرَّ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ؛ لِحَدِيثِ: «ابْدَأْ بِنَفْسِك» .

وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُضْطَرٍّ وَلَا خَائِفَ الِاضْطِرَارِ؛ فَعَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ لِلْمُضْطَرِّ مَا يَسُدُّ مَعَهُ رَمَقَهُ كَمَا يَأْتِي بِخِلَافِ الْمَجْهُولِ مَالِكُهُ؛ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ، بَلْ هُوَ كَمَا ذَكَرَهُ.

(وَتُقَدَّمُ مَيْتَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا) ؛ أَيْ: فِي إبَاحَتِهَا (عَلَى) مَيْتَةٍ (مُجْمَعٍ عَلَيْهَا) أَيْ: عَلَى تَحْرِيمِهَا؛ لِأَنَّ الْمُخْتَلَفَ فِيهَا مُبَاحَةٌ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا وَجَدَهَا كَانَ وَاجِدًا لِلْمُبَاحِ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ؛ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْأُخْرَى.

(وَيَتَّجِهُ) تَقْدِيمُ مَيْتَةٍ مُخْتَلَفٍ فِيهَا عَلَى مُجْمَعٍ عَلَيْهَا (وُجُوبًا) لِأَنَّهَا أَخَفُّ مِنْ غَيْرِهَا (وَ) يَتَّجِهُ (أَنَّ الْكَلْبَ يُقَدَّمُ) عِنْدَ الِاضْطِرَارِ إلَى أَكْلِهِ (عَلَى الْخِنْزِيرِ) لِقَوْلِ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ بِإِبَاحَتِهِ، (وَ) يَتَّجِهُ (أَنَّهُ يُقَدَّمُ نَحْوُ شَحْمِ) وَكُلْيَةِ (وَكَبِدِ) وَطِحَالِ (خِنْزِيرٍ عَلَى مَيْتَةٍ) لِأَنَّ الْمَيْتَةَ يَحْرُمُ تَنَاوُلُهَا بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ كَذَلِكَ بِخِلَافِ شَحْمِهِ (لِقَوْلِ) الْإِمَامِ (دَاوُد) الظَّاهِرِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (بِحِلِّهِ) أَيْ: الشَّحْمِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ صَرِيحٌ فِي اللَّحْمِ فَقَطْ؛ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا، فَأَكَلَ نَحْوَ الشَّحْمِ؛ لَا يَحْنَثُ وَهُوَ مُتَّجِهٌ.

(وَيَتَحَرَّى) مُضْطَرٌّ (فِي مُذَكَّاةٍ اشْتَبَهَتْ بِمَيْتَةٍ) لِأَنَّهَا غَايَةُ مَقْدُورِهِ حَيْثُ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا حَتَّى يَعْلَمَ الْمُذَكَّاةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>