(وَمَنْ لَمْ يَجِدْ) مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ (إلَّا طَعَامَ غَيْرِهِ [فَرَبُّهُ] الْمُضْطَرُّ أَوْ الْخَائِفُ يُضْطَرُّ أَحَقُّ بِهِ) مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ سَاوَاهُ فِي الِاضْطِرَارِ، وَانْفَرَدَ عَنْهُ بِالْمِلْكِ؛ أَشْبَهَ غَيْرَ حَالَةِ الِاضْطِرَارِ (وَلَيْسَ لَهُ) ؛ أَيْ: رَبِّ الطَّعَامِ إذَا كَانَ كَذَلِكَ (إيثَارُ غَيْرِهِ بِهِ) لِأَنَّهُ إذَا آثَرَ غَيْرَهُ بِهِ، فَهَلَكَ جُوعًا كَانَ كَالْمُلْقِي بِيَدِهِ إلَى التَّهْلُكَةِ، وَفِي " الْهَدْيِ " فِي غَزْوَةِ الطَّائِفِ يَجُوزُ، وَإِنَّهُ غَايَةُ الْجُودِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: ٩] .
وَلِقَوْلِ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فِي فُتُوحِ الشَّامِ، وَعُدَّ ذَلِكَ فِي مَنَاقِبِهِمْ.
ذَكَرَهُ فِي " الْفُرُوعِ " وَلَعَلَّهُ لِعِلْمِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ حُسْنَ التَّوَكُّلِ وَالصَّبْرِ.
(وَإِلَّا) يَكُنْ رَبُّ الطَّعَامِ مُضْطَرًّا وَلَا خَائِفًا أَنْ يَضْطَرَّ (لَزِمَهُ) ؛ أَيْ: رَبَّ الطَّعَامِ (بَذْلُ مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ) ؛ أَيْ: الْمُضْطَرِّ (فَقَطْ) لِأَنَّهُ إنْقَاذٌ لِمَعْصُومٍ مِنْ الْهَلَكَةِ كَإِنْقَاذِ الْغَرِيقِ وَالْحَرِيقِ (بِقِيمَتِهِ) ؛ أَيْ: الطَّعَامِ نَصًّا لَا مَجَّانًا (وَلَوْ فِي ذِمَّةِ مُعْسِرٍ) لِوُجُودِ الضَّرُورَةِ، (فَإِذَا أَبَى) رَبُّ الطَّعَامِ بَذْلَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْهُ بِقِيمَتِهِ (أَخَذَهُ) مِنْهُ مُضْطَرٌّ (بِالْأَسْهَلِ) فَالْأَسْهَلِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ (قَهْرًا) ؛ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِهِ مِنْ مَالِكِهِ؛ لِاضْطِرَارِهِ إلَيْهِ (وَيُعْطِيه عِوَضَهُ مِنْ مِثْلِ مِثْلِيٍّ وَقِيمَةِ مُتَقَوِّمٍ) لِئَلَّا يَجْتَمِعَ عَلَى رَبِّ الْعَيْنِ فَوَاتُ الْمَالِ وَالْبَدَلِ، وَيَعْتَبِرُ قِيمَةُ مُتَقَوِّمٍ (يَوْمَ أَخْذِهِ) لِأَنَّهُ وَقْتُ تَلَفِهِ (فَإِنْ مَنَعَهُ) رَبُّ الطَّعَامِ أَخْذَهُ بِعِوَضِهِ (فَلَهُ) ؛ أَيْ: الْمُضْطَرِّ (قِتَالُهُ عَلَيْهِ) لِكَوْنِهِ صَارَ أَحَقَّ بِهِ مِنْهُ؛ لِاضْطِرَارِهِ إلَيْهِ وَهُوَ مَنَعَهُ (فَإِنْ قُتِلَ الْمُضْطَرُّ؛ ضَمِنَهُ رَبُّ الطَّعَامِ) لِقَتْلِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ (لَا عَكْسُهُ) بِأَنْ قُتِلَ رَبُّ الطَّعَامِ؛ فَلَا يَضْمَنُهُ الْمُضْطَرُّ، وَيَذْهَبُ هَدَرًا؛ لِظُلْمِهِ بِقِتَالِهِ لِلْمُضْطَرِّ؛ أَشْبَهَ الصَّائِلَ (وَإِنْ مَنَعَهُ) أَيْ الطَّعَامَ مِنْ الْمُضْطَرِّ رَبُّهُ (إلَّا بِمَا فَوْقَ الْقِيمَةِ، فَاشْتَرَاهُ) الْمُضْطَرُّ مِنْهُ (بِذَلِكَ) الَّذِي طَلَبَهُ لِاضْطِرَارِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute