إلَيْهِ (كَرَاهَةَ أَنْ يَجْرِيَ بَيْنَهُمَا دَمٌ؛ أَوْ عَجَزَ عَنْ قِتَالِهِ؛ لَمْ يَلْزَمْهُ) ؛ أَيْ: الْمُضْطَرَّ (إلَّا الْقِيمَةُ) لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ بِالْبَدَلِ لَهُ، وَالزَّائِدُ أُكْرِهَ عَلَى الْتِزَامِهِ؛ فَلَا يَلْزَمُهُ فَإِنْ أَخَذَهُ مِنْهُ؛ رَجَعَ بِهِ (وَكَانَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْذُ الْمَاءِ مِنْ الْعَطْشَانِ وَيَتَّجِهُ) وَكَذَا كَانَ لَهُ أَخْذُ (الطَّعَامِ) مِنْ الْجَائِعِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَ) كَانَ (عَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَقِيَهُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، وَكَانَ لَهُ طَلَبُ ذَلِكَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: ٦] وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا اشْتَدَّتْ الْمَخْمَصَةُ فِي سَنَةِ الْمَجَاعَةِ، وَكَانَ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ قَدْرُ كِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ عِيَالِهِ فَقَطْ؛ لَمْ يَلْزَمْهُ بَذْلُ شَيْءٍ مِنْهُ لِلْمُضْطَرِّينَ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَخْذُهُ مِنْهُ كُرْهًا لِأَنَّ ذَلِكَ يُفْضِي إلَى وُقُوعِ الضَّرُورَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَنْدَفِعَ عَنْ الْمُضْطَرِّينَ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ فِي سَفَرٍ وَمَعَهُ قَدْرُ كِفَايَتِهِ مِنْ غَيْرِ فَضْلَةٍ؛ فَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُ مَا مَعَهُ لِلْمُضْطَرِّينَ، كَمَا لَوْ أَمْكَنَهُ إنْجَاءُ غَرِيقٍ بِتَغْرِيقِ نَفْسِهِ.
(وَمَنْ اُضْطُرَّ إلَى نَفْعِ مَالِ الْغَيْرِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ) ؛ أَيْ: الْمَالِ كَثِيَابٍ لِدَفْعِ بَرْدٍ وَمِقْدَحَةٍ وَنَحْوِهِ وَدَلْوٍ وَحَبْلٍ لِاسْتِقَاءِ مَاءٍ (وَجَبَ) عَلَى رَبِّ الْمَالِ (بَذْلُهُ) لِمَنْ اُضْطُرَّ لِنَفْعِهِ (مَجَّانًا) بِلَا عِوَضٍ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى ذَمَّ عَلَى مَنْعِهِ بِقَوْلِهِ: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: ٧] وَمَا لَا يَجِبُ بَذْلُهُ لَا يُذَمُّ عَلَى مَنْعِهِ، وَمَا وَجَبَ فِعْلُهُ لَا يَقِفُ عَلَى بَذْلِهِ الْعِوَضُ، بِخِلَافِ الْأَعْيَانِ فَلِرَبِّهَا مَنْعُهَا بِدُونِ عِوَضٍ وَلَا يُذَمُّ عَلَى ذَلِكَ، وَمَحَلُّ وُجُوبِ بَذْلِ نَحْوِ مَاعُونٍ (مَعَ عَدَمِ حَاجَتِهِ) ؛ أَيْ: رَبِّهِ (إلَيْهِ) فَإِنْ احْتَاجَ إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِتَمَيُّزِهِ بِالْمِلْكِ.
(وَمَنْ لَمْ يَجِدْ) مِنْ مُضْطَرِّينَ (إلَّا آدَمِيًّا مُبَاحَ الدَّمِ كَحَرْبِيٍّ وَزَانٍ مُحْصِنٍ) وَمُرْتَدٍّ (فَلَهُ قَتْلُهُ وَأَكْلُهُ) لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهُ؛ أَشْبَهَ السِّبَاعَ، وَكَذَا إنْ وَجَدَهُ مَيِّتًا، و (لَا) يَجُوزُ لِمُضْطَرٍّ (أَكْلُ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ نَفْسِهِ) لِأَنَّهُ إتْلَافُ مَوْجُودٍ لِتَحْصِيلِ مَوْهُومٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute