بِذِمَّتِهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَقَضَاهُ عَنْهَا عَرَضًا يُسَاوِي ثَمَانِيَةً، وَتَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ فَلَا حَنِثَ، لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِذَلِكَ وَهُوَ الْقَضَاءُ، لَا إنْ فَعَلَ ذَلِكَ حِيلَةً عَلَى عَدَمِ الْحِنْثِ، إذْ الْحِيلَةُ لَا تُزِيلُ الشَّيْءَ عَنْ حُكْمِهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَفِعْلُ وَكِيلِهِ) ، أَيْ: الْحَالِفِ فِي كُلِّ مَا تَقَدَّمَ وَنَظَائِرُهُ كَفِعْلِهِ (هُوَ، فَمَنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا، فَوَكَّلَ مَنْ فَعَلَهُ فَفَعَلَهُ) الْوَكِيلُ (حَنِثَ) الْحَالِفُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْمُبَاشَرَةَ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ فِعْلَ وَكِيلِهِ كَفِعْلِهِ نَصَّ عَلَيْهِ، (وَ) كَذَا (لَوْ) حَلَفَ (لَيَفْعَلَنَّ كَذَا فَوَكَّلَ مَنْ فَعَلَهُ) بَرَّ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ يُضَافُ إلَى الْمُوَكِّلِ فِيهِ وَالْآمِرِ بِهِ، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ فَأَمَرَ مَنْ حَلَقَهُ، (وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ زَيْدًا فَبَاعَ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَشْتَرِيهِ لَهُ) فَيَحْنَثُ، لِقِيَامِ وَكِيلِ زَيْدٍ مَقَامَهُ، فَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِنَفْسِهِ.
(وَيَتَّجِهُ بِاحْتِمَالٍ قَوِيٍّ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) الْحَالِفُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ اشْتَرَاهُ لِزَيْدٍ (فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ حَتَّى فِي طَلَاقٍ وَعَتَاقٍ، وَإِنَّمَا اُغْتُفِرَ هُنَا؛ لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ غَيْرُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ) وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَلَوْ تَوَكَّلَ حَالِفٌ لَا يَبِيعُ وَنَحْوَهُ) كَلَا يَسْتَأْجِرَ فِي (بَيْعٍ) أَوْ فِي إجَارَةٍ، وَبَاعَ أَوْ اسْتَأْجَرَ بِطَرِيقِ التَّوْكِيلِ عَنْ غَيْرِهِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ مُضَافٌ إلَى مُوَكِّلِهِ دُونَهُ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَا إذَا (أَضَافَهُ لِمُوَكِّلِهِ) بِأَنْ قَالَ لِلْمُشْتَرِي بِعْتُكَ هَذَا عَنْ مُوَكِّلِي فُلَانٍ وَنَحْوَهُ أَوْ لَا بِأَنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مُضَافًا لِمُوَكَّلِهِ دُونَهُ. قَالَ الْبُهُوتِيُّ: قُلْتُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ نِيَّةُ أَوْ سَبَبُ الْيَمِينِ الِامْتِنَاعَ عَنْ فِعْلِ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ وَغَيْرِهِ، فَيَحْنَثُ إذَنْ بِذَلِكَ.
وَإِنْ حَلَفَ مَدِينٌ (لَا فَارَقْتُكَ حَتَّى أُوَفِّيك حَقَّكَ فَأُبْرِئَ) مَدِينُهُ مِنْهُ، لَمْ يَحْنَثْ بِفِرَاقِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ حَقٌّ يُوَفِّيهِ لَهُ (أَوْ أُكْرِهَ عَلَى فِرَاقِهِ) فَفَارَقَهُ (لَمْ يَحْنَثْ) ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْمُكْرَهِ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ، (وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ عَيْنًا) كَعَارِيَّةٍ أَوْ وَدِيعَةٍ (فَوُهِبَتْ لَهُ) ، أَيْ: الْغَرِيمِ الْحَالِفِ (وَقَبِلَ الْهِبَةَ - حَنِثَ) بِفِرَاقِهِ؛ لِتَرْكِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute