للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ، تَعَيَّنَ عَلَيْهِ كَغُسْلِ الْمَيِّتِ وَنَحْوِهِ، وَلِئَلَّا تَضِيعَ حُقُوقُ النَّاسِ، فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ لَهُ أَوْ وُجِدَ مَوْثُوقٌ بِهِ غَيْرُهُ؛ لَمْ يَلْزَمْهُ الدُّخُولُ فِيهِ (وَمَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ) مِمَّنْ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ (الْأَفْضَلُ أَنْ لَا يُجِيبَ) إذَا طُلِبَ لِلْقَضَاءِ، طَلَبًا لِلسَّلَامَةِ، وَرَفْعًا لِلْخَطَرِ، وَاتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ فِي الِامْتِنَاعِ مِنْهُ وَالتَّوَقِّي لَهُ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا: «مَا مِنْ حَاكِمٍ يَحْكُمُ بَيْنَ النَّاسِ إلَّا حُبِسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَلَكٌ آخِذٌ بِقَفَاهُ حَتَّى يَقِفَهُ عَلَى جَهَنَّمَ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنْ قَالَ أَلْقِهِ أَلْقَاهُ فِي مَهْوًى أَيْ: فَهَوَى أَرْبَعِينَ خَرِيفًا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ.

(وَكُرِهَ لَهُ طَلَبُهُ) أَيْ: الْقَضَاءِ إذًا أَيْ: مَعَ وُجُودِ صَالِحٍ؛ لِحَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: «مَنْ سَأَلَ الْقَضَاءَ وُكِلَ إلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ جُبِرَ عَلَيْهِ نَزَلَ مَلَكٌ يُسَدِّدُهُ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيّ

وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ أَبِي مُوسَى مَرْفُوعًا: «إنَّا وَاَللَّهِ لَا نُوَلِّي هَذَا الْعَمَلَ أَحَدًا سَأَلَهُ، وَلَا أَحَدًا حَرَصَ عَلَيْهِ» . وَيُكْرَهُ أَيْضًا طَلَبُ الْإِمَارَةِ: لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ: «لَا تَسْأَلْ الْإِمَارَةَ؛ فَإِنَّكَ إنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إلَيْهَا، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(وَطَرِيقَةُ السَّلَفِ الِامْتِنَاعُ) طَلَبًا لِلسَّلَامَةِ (وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْقِيَامُ بِالْوَاجِبِ لِظُلْمِ السُّلْطَانِ أَوْ غَيْرِهِ؛ حَرُمَ عَلَيْهِ) الدُّخُولُ فِيهِ (وَتَأَكَّدَ الِامْتِنَاعُ) مِنْ الْإِجَابَةِ إلَيْهِ

(وَيَحْرُمُ بَذْلُ مَالٍ فِيهِ) أَيْ: الْقَضَاءِ، وَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ بُذِلَ لَهُ الْمَالُ فِي الْقَضَاءِ (أَخْذُهُ) وَهُوَ مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ (وَ) يَحْرُمُ (دُخُولُ مَنْ لَمْ تَتَوَفَّرْ فِيهِ شُرُوطُهُ) أَيْ الْقَضَاءِ (وَ) يَحْرُمُ (طَلَبُهُ وَفِيهِ مُبَاشِرٌ أَهْلٌ) أَيْ: صَالِحٌ لَهُ، وَلَوْ كَانَ الطَّالِبُ أَهْلًا لِلْقَضَاءِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ أَذَى الْقَائِمِ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُبَاشِرٌ أَهْلٌ؛ لَمْ يَحْرُمْ طَلَبُهُ.

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: فَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ قَصْدِهِ إزَالَتَهُ أُثِيبَ، وَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ لِيَخْتَصَّ بِالنَّظَرِ أُبِيحَ، وَيَحْرُمُ الدُّخُولُ فِي الْقَضَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>