عَمَلُهُ (مَحَلُّ) نُفُوذِ (حُكْمِهِ) فَمَنْ وُلِّيَ الْقَضَاءَ بِمَجْلِسٍ مُعَيَّنٍ مِنْ مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ إلَّا فِيهِ، وَلَا يَسْمَعُ بَيِّنَتَهُ إلَّا فِيهِ (وَتَجِبُ إعَادَةُ الشَّهَادَةِ) إذَا سَمِعَهَا فِي غَيْرِ عَمَلِهِ (فِيهِ) ؛ أَيْ: فِي عَمَلِهِ (كَتَعْدِيلِهَا) ؛ أَيْ: الْبَيِّنَةِ؛ فَلَا يَسْمَعُهُ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ، فَإِنْ سَمِعَهُ فِي غَيْرِهِ أَعَادَهُ فِيهِ كَالشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ سَمَاعَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ عَمَلِهِ كَسَمَاعِهِ قَبْلَ التَّوْلِيَةِ.
(وَإِنْ تَرَافَعَ إلَيْهِ خَصْمَانِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ؛ لَمْ يَحْكُمْ بَيْنَهُمَا بِحُكْمِ وِلَايَتِهِ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ (فَإِنْ حَكَّمَاهُ) الْخَصْمَانِ بَيْنَهُمَا (صَحَّ) مِنْهُ (كَغَيْرِهِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ، أَوْ يُوَلِّيهِ) أَيْ: يُوَلِّي الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ فِيهِ (الْحُكْمَ فِي الْمُدَايَنَاتِ خَاصَّةً، أَوْ يُوَلِّيهِ الْحُكْمَ فِي قَدْرٍ مِنْ الْمَالِ لَا يَتَجَاوَزُهُ كَأَنْ لَا يَحْكُمَ إلَّا فِي عَشَرَةٍ فَمَا دُونُ، أَوْ يُجْعَلَ إلَيْهِ) أَيْ: الْقَاضِي (عُقُودُ الْأَنْكِحَةِ خَاصَّةً) فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ أَوْ فِي بَلَدٍ خَاصٍّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ، فَمَلَكَ الِاسْتِنَابَةَ فِي جَمِيعِهِ وَبَعْضِهِ، وَقَدْ صَحَّ: أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «كَانَ يَسْتَنِيبُ أَصْحَابَهُ كُلًّا فِي كُلِّ شَيْءٍ، فَوَلَّى عُمَرُ الْقَضَاءَ، وَبَعَثَ عَلِيًّا قَاضِيًا إلَى الْيَمَنِ، وَكَانَ يَبْعَثُ أَصْحَابَهُ فِي جَمْعِ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا، وَخُلَفَاءَهُ» .
(وَلَهُ) أَيْ: الْمُوَلِّي بِكَسْرِ اللَّامِ (أَنْ يُوَلِّيَ) قَاضِيًا (مِنْ غَيْرِ مَذْهَبِهِ) لِأَنَّ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَجْتَهِدَ رَأْيَهُ فِي قَضَائِهِ (وَلَهُ) أَنْ يُوَلِّيَ (قَاضِيَيْنِ فَأَكْثَرَ بِبَلَدٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ اتَّحَدَ عَمَلُهُمَا) لِأَنَّ الْغَرَضَ فَصْلُ الْخُصُومَاتِ وَإِيصَالُ الْحَقِّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ؛ فَأَشْبَهَ الْقَاضِيَ وَخُلَفَاءَهُ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَحْكُمَ بِمَذْهَبِهِ، وَلَا اعْتِرَاضَ لِلْآخَرِ عَلَيْهِ (وَلِنَائِبِ الْإِمَامِ أَنْ يُوَلِّيَ مَعَ الْإِطْلَاقِ) .
قَالَ فِي " الِاخْتِيَارَاتِ " نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَخْلِفَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَرْقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ، وَجَعْلًا لَهُ كَالْوَصِيِّ (لَا إنْ نَهَاهُ) عَنْ الِاسْتِخْلَافِ، فَإِنْ نَهَاهُ الْإِمَامُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ قَاصِرَةٌ.
(وَيَتَّجِهُ بَلْ) لِلْقَاضِي (أَنْ يَسْتَنِيبَ وَلَوْ نَهَاهُ) الْإِمَامُ (حَيْثُ قُلْنَا هُوَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute