للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ: الْقَاضِي نَائِبُ الْمُسْلِمِينَ لَا نَائِبُ (الْإِمَامِ) بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ مَنْ وَلَّاهُ وَلَا بِمَوْتِهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.

(وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَلِّدَ الْقَضَاءَ لِوَاحِدٍ عَلَى أَنْ يَحْكُمَ بِمَذْهَبٍ بِعَيْنِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} [ص: ٢٦] وَالْحَقُّ لَا يَتَعَيَّنُ فِي مَذْهَبٍ، وَقَدْ يَظْهَرُ الْحَقُّ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَذْهَبِ، فَإِنْ وَلَّاهُ عَلَى أَنْ يَحْكُمَ بِمَذْهَبٍ بِعَيْنِهِ بَطَلَ الشَّرْطُ، وَصَحَّتْ الْوِلَايَةُ كَالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْبَيْعِ.

(وَيَتَّجِهُ حَمْلُهُ) أَيْ: عَدَمُ الْجَوَازِ عَلَى قَاضٍ مُجْتَهِدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ تَقْلِيدُ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِمَا أَدَّاهُ إلَيْهِ اجْتِهَادِهِ؛ فَتَقْلِيدُهُ الْقَضَاءَ عَلَى أَنْ يَحْكُمَ بِمَذْهَبِ مُجْتَهِدٍ غَيْرِهِ غَيْرُ جَائِزٍ (وَإِلَّا) ، نَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَى الْمُجْتَهِدِ، فَلَا يَصِحُّ؛ (لِأَنَّ عَمَلَ النَّاسِ عَلَى خِلَافِهِ) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: مَنْ أَوْجَبَ تَقْلِيدَ إمَامٍ بِعَيْنِهِ اُسْتُتِيبَ وَإِلَّا قُتِلَ.

قَالَ: وَإِنْ قَالَ يَنْبَغِي تَقْلِيدُ إمَامٍ بِعَيْنِهِ كَانَ جَاهِلًا ضَالًّا، وَقَالَ: وَمَنْ كَانَ مُتَّبِعًا لِإِمَامٍ فَخَالَفَهُ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ لِقُوَّةِ الدَّلِيلِ، أَوْ لِكَوْنِ أَحَدِهِمَا أَعْلَمَ أَوْ أَتْقَى؛ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَلَمْ يَقْدَحْ فِي عَدَالَتِهِ بِلَا نِزَاعٍ.

قَالَ: وَفِي هَذِهِ الْحَالِ، أَيْ: حَالِ قُوَّةِ الدَّلِيلِ، أَوْ كَوْنِ أَحَدِهِمَا أَعْلَمَ أَوْ أَتْقَى يَجُوزُ تَقْلِيدُ مَنْ اتَّصَفَ بِذَلِكَ عَنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>