أَنَّ مُوجَبَهُ هِيَ آثَارُهُ الَّتِي تَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ وَالْفَسَادُ لَيْسَ مِنْهَا؛ فَلَا يَشْمَلُهُ الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ (قَالَ الْمُنَقَّحُ: وَالْعَمَلُ عَلَى ذَلِكَ، وَقَالُوا أَيْ:) الْأَصْحَابُ (الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ) لِأَنَّهُ حُكْمٌ عَلَى الْعَاقِدِ بِمُقْتَضَى مَا ثَبَتَ عَلَيْهِ مِنْ الْعَقْدِ، فَلَوْ وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ، وَحَكَمَ بِمُوجَبِهِ مَنْ يَرَاهُ؛ فَلَيْسَ لِلشَّافِعِيِّ سَمَاعُ دَعْوَى الْوَاقِفِ فِي إبْطَالِ الْوَقْفِ بِمُقْتَضَى مَا ثَبَتَ كَوْنُهُ وَقْفًا عَلَى النَّفْسِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ مُوجَبُهُ؛ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْوَقْفِ، كَكَوْنِ الْمَوْقُوفِ مَرْهُونًا.
(وَتَلْخِيصُهُ) أَيْ: مَا ذُكِرَ (عَلَى مَا أَفَادَهُ) الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ وَشَيْخُهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ بِاسْتِيفَاءِ شُرُوطِ عَقْدٍ يُرَادُ الْحُكْمُ بِهِ؛ (حُكِمَ بِصِحَّتِهِ، وَإِلَّا) تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِاسْتِيفَاءِ الشُّرُوطِ (حُكِمَ بِمُوجَبِهِ) كَمَا تَقَدَّمَ، إذَا تَقَرَّرَ هَذَا؛ فَالْحُكْمُ (بِالْمُوجَبِ) عِنْدَهُمَا (أَحَطُّ رُتْبَةً) مِنْ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ.
(وَقَدْ يَسْتَوِيَانِ) أَيْ: الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ وَالْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ (فِي مَسَائِلَ كَحُكْمِ حَنَفِيٍّ بِصِحَّةِ نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ أَوْ بِمُوجَبِهِ أَوْ بِشُفْعَةِ جَارٍ أَوْ وَقْفٍ عَلَى نَفْسٍ؛ فَلَيْسَ لِلشَّافِعِيِّ نَقْضُهُ) سَوَاءٌ حَكَمَ بِصِحَّةِ ذَلِكَ أَوْ بِمُوجَبِهِ (وَكَحُكْمِ شَافِعِيٍّ بِصِحَّةِ أَوْ مُوجَبِ إجَارَةِ) جُزْءٍ مُشَاعٍ مِنْ دَارٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (فَلَيْسَ لِلْحَنَفِيِّ نَقْضُهُ) سَوَاءٌ حَكَمَ بِالصِّحَّةِ أَوْ بِالْمُوجَبِ (وَقَدْ يَخْتَلِفَانِ) فِي مَسَائِلَ يَكُونُ فِي بَعْضِهَا الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ أَقْوَى، وَفِي بَعْضِهَا الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ أَقْوَى.
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (كَحُكْمِ حَنَفِيٍّ بِصِحَّةِ تَدْبِيرٍ، فَيُسَوَّغُ لِلشَّافِعِيِّ الْحُكْمُ بِبَيْعِهِ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ صَحِيحٌ، وَلَكِنْ يُبَاعُ، فَلَوْ حَكَمَ حَنَفِيٌّ بِمُوجَبِهِ) ؛ أَيْ: التَّدْبِيرِ (لَمْ يَكُنْ لِلشَّافِعِيِّ الْحُكْمُ بِبَيْعِهِ؛ لِأَنَّ مِنْ مُوجَبِ التَّدْبِيرِ عِنْدَهُ عَدَمُ بَيْعِهِ، وَ) مِنْهُ أَيْضًا (لَوْ حَكَمَ شَافِعِيٌّ بِصِحَّةِ شِرَاءِ دَارٍ لَهَا جَارٌ؛ سَاغَ لِلْحَنَفِيِّ الْحُكْمُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ عِنْدَهُ صَحِيحٌ مُسَلَّطٌ لِأَخْذِ الْجَارِ) كَمَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ فِي بَيْعِ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ (وَلَوْ حَكَمَ الشَّافِعِيُّ بِمُوجَبِ الشِّرَاءِ) لِلدَّارِ الْمَذْكُورَةِ (لَمْ يَكُنْ لِلْحَنَفِيِّ الْحُكْمُ بِهَا) أَيْ: بِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ (لِأَنَّ مِنْ مُوجَبِهِ عِنْدَهُ) أَيْ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute