الشَّافِعِيِّ (دَوَامَهُ) أَيْ: دَوَامَ الْحُكْمِ (وَاسْتِمْرَارَهُ. وَالْقَضِيَّةُ الْمُخْتَلَفُ فِيهَا فَمَا كَانَ مِنْهَا قَدْ جَاءَ وَقْتُ الْحُكْمِ فِيهَا؛ نَفَذَ، وَمَا لَا) يَكُونُ قَدْ جَاءَ وَقْتُ الْحُكْمِ فِيهِ (فَلَا يَنْفُذُ، فَالْأَوَّلُ كَحُكْمِ حَنَفِيٍّ بِمُوجَبِ التَّدْبِيرِ بَعْدَ صُدُورِهِ؛ فَحُكْمُهُ بِهِ فِي وَقْتِهِ) بَعْدَ وُجُودِهِ (فَلَا يُسَوَّغُ نَقْضُهُ، وَصَارَ الْمُدَبَّرُ كَأُمِّ الْوَلَدِ) فِي الْحُكْمِ (وَالثَّانِي أَنْ يُعَلِّقَ شَخْصٌ طَلَاقَ أَجْنَبِيَّةٍ. بِتَزْوِيجِهَا؛ فَيَحْكُمُ مَالِكِيٌّ أَوْ حَنَفِيٌّ بِمُوجَبِهِ، فَإِذَا تَزَوَّجَ بِهَا، وَبَادَرَ شَافِعِيٌّ، وَحَكَمَ بِاسْتِمْرَارِ الْعِصْمَةِ؛ نَفَذَ حُكْمُهُ، وَلَمْ يَكُنْ)
حُكْمُ الشَّافِعِيِّ (نَقْضًا لِلْحُكْمِ وَحُكْمِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ) أَيْ الْحَنَفِيِّ وَالْمَالِكِيِّ بِمُوجَبِ تَعْلِيقِ طَلَاقِ امْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ عَلَى التَّزْوِيجِ بِهَا قَبْلَ التَّزَوُّجِ بِهَا (لَمْ يَتَنَاوَلْ الطَّلَاقَ) وَلَا دَخَلَ فِي مُوجَبِ وُقُوعِهِ بَعْدَ التَّزَوُّجِ (لِأَنَّهُ أَيْ:) الطَّلَاقُ (أَمْرٌ لَمْ يَقَعْ) لِعَدَمِ مُصَادَفَتِهِ عِصْمَةً (حِينَ الْحُكْمِ) الصَّادِرِ مِنْ الْحَنَفِيِّ أَوْ الْمَالِكِيِّ، فَإِنَّ التَّزَوُّجَ إلَى الْآنَ لَمْ يَقَعْ، وَقَدْ لَا يُوجَدُ (فَكَيْفَ يُحْكَمُ عَلَى مَا لَمْ يَقَعْ) وَلَا يَدْرِي هَلْ يَقَعُ أَوْ لَا (فَمَا هَذَا الصَّادِرُ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ ذَلِكَ الْحُكْمِ (إلَّا مُجَرَّدُ فَتْوَى لَا حُكْمَ) ؛ إذْ لَوْ كَانَ حُكْمًا لَرُفِعَ الْخِلَافُ، وَامْتَنَعَ عَلَى مَنْ لَا يَرَاهُ نَقْضُهُ (وَتَسْمِيَتُهُ حُكْمًا إمَّا جَهْلٌ أَوْ تَجَوُّزٌ) . انْتَهَى.
وَحَاصِلُ الْكَلَامِ أَنَّ الْحُكْمَ بِالْمُوجَبِ حُكْمٌ عَلَى الْعَاقِدِ بِمُقْتَضَى عَقْدِهِ، لَا حُكْمٌ بِالْعَقْدِ، وَتَقَدَّمَ، وَلَا يَخْفَى مَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّفَاوُتِ قَالَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ، وَذَكَرَ الْغَزِّيِّ فُرُوقًا بَيْنَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ وَبَيْنَ الْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ مِنْهَا مَا سَبَقَ، وَمِنْهَا أَنَّ كُلَّ دَعْوَى كَانَ الْمَطْلُوبُ فِيهَا إلْزَامُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمَا يَثْبُتُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ فِيهَا بِالْإِلْزَامِ هُوَ الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ، وَلَا يَكُونُ بِالصِّحَّةِ، لَكِنْ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ، إقْرَارًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَمِنْهَا الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ، وَمِنْهَا أَنَّ الْحُكْمَ يَتَضَمَّنُ أَشْيَاءَ لَا يَتَضَمَّنُهَا الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ؛ فَلَوْ حَكَمَ بِصِحَّةِ عَقْدِ الْبَيْعِ لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ إثْبَاتَ خِيَارِ الْمَجْلِسِ، وَلَا فَسْخَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا، وَلَوْ حَكَمَ بِمُوجَبِهِ وَالْإِلْزَامِ بِمُقْتَضَاهُ؛ امْتَنَعَ التَّمَكُّنُ مِنْ الْفَسْخِ. انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute