سِوَاهُ.
قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُحَرَّرِ " (لَا إنْ قَالَ) مُدَّعًى عَلَيْهِ (لِي مَخْرَجٌ مِمَّا ادَّعَاهُ) فَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ ذَلِكَ جَوَابًا صَحِيحًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ (وَلِمُدَّعٍ) أَنْكَرَ خَصْمُهُ (أَنْ يَقُولَ لِي بَيِّنَةٌ) لِأَنَّ هَذَا مَوْضِعُهَا (وَلِلْحَاكِمِ) إنْ لَمْ يَقُلْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ (أَنْ يَقُولَ أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟) لِمَا رُوِيَ: «أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَضْرَمِيٌّ وَكِنْدِيٌّ، فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ هَذَا غَلَبَنِي عَلَى أَرْضٍ لِي، فَقَالَ الْكِنْدِيُّ هِيَ أَرْضِي وَفِي يَدِي، فَلَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْحَضْرَمِيِّ أَلَك بَيِّنَةٌ؟ قَالَ: لَا. قَالَ فَلَكَ يَمِينُهُ» وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
(فَإِنْ قَالَ) مُدَّعٍ سَأَلَهُ حَاكِمٌ أَلَك بَيِّنَةٌ؟ (نَعَمْ قَالَ لَهُ الْحَاكِمُ: إنْ شِئْت فَأَحْضِرْهَا، فَإِنْ أَحْضَرَهَا لَمْ يَسْأَلْهَا) الْحَاكِمُ عَمَّا عِنْدَهَا حَتَّى يَسْأَلَهُ الْمُدَّعِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِلَا إذْنِهِ (وَلَمْ يُلَقِّنْهَا) الْحَاكِمُ الشَّهَادَةَ، بَلْ إذَا سَأَلَهُ الْمُدَّعِي سُؤَالَهُ الْبَيِّنَةَ قَالَ: مَنْ كَانَ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ فَلْيَذْكُرْهَا إنْ شَاءَ، وَلَا يَقُولُ لَهُمَا: اشْهَدَا؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ، وَكَانَ شُرَيْحٌ يَقُولُ لِلشَّاهِدَيْنِ: مَا أَنَا دَعَوْتُكُمَا وَلَا أَنْهَاكُمَا أَنْ تَرْجِعَا، وَمَا يَقْضِي عَلَى هَذَا الْمُسْلِمِ غَيْرُكُمَا، وَإِنِّي بِكَمَا أَقْضِي الْيَوْمَ، وَبِكَمَا أَتَّقِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ (فَإِذَا شَهِدَتْ) عِنْدَهُ الْبَيِّنَةُ (سَمِعَهَا، وَلَزِمَهُ فِي الْحَالِ أَنْ يَحْكُمَ بِهَا بِسُؤَالِ مُدَّعٍ، وَحَرُمَ) عَلَيْهِ (تَرْدِيدُهَا، وَيُكْرَهُ) لَهُ (تَعَنُّتُهَا) أَيْ: طَلَبُ زَلَّتِهَا (وَانْتِهَارُهَا) أَيْ: زَجْرُهَا؛ لِئَلَّا يَكُونَ وَسِيلَةً إلَى الْكِتْمَانِ، وَلَا يُكْرَهُ (قَوْلُهُ) أَيْ: الْحَاكِمِ (لِمُدَّعًى عَلَيْهِ أَلَك فِيهَا دَافِعٌ أَوْ مَطْعَنٌ؟) بَلْ يُسْتَحَبُّ قَوْلُهُ قَدْ شَهِدَا عَلَيْك، فَإِنْ كَانَ لَكَ قَادِحٌ فَبَيِّنْهُ لِي. وَقَيَّدَهُ فِي " الْمُذَهَّبِ " وَ " الْمُسْتَوْعِبِ " بِمَا إذَا ارْتَابَ فِيهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِقَادِحٍ (وَاتَّضَحَ) لِلْحَاكِمِ (الْحُكْمُ، وَكَانَ الْحَقُّ لِمُعَيَّنٍ وَسَأَلَهُ) ؛ أَيْ الْحَاكِمُ (الْحُكْمَ؛ لَزِمَهُ) الْحُكْمُ فَوْرًا، وَلَا يَحْكُمُ بِدُونِ سُؤَالِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَا يَحْلِفُ مُدَّعٍ مَعَ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ) لِلِاسْتِغْنَاءِ بِهَا عَنْ الْيَمِينِ.
(وَيَحْرُمُ الْحُكْمُ وَلَا يَصِحُّ مَعَ عِلْمِهِ بِضِدِّهِ) أَيْ: ضِدِّ مَا يَعْلَمُهُ، بَلْ يَتَوَقَّفُ (أَوْ مَعَ لَبْسٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute