(لَزِمَ الْبَحْثُ عَنْهَا) ؛ أَيْ: الْعَدَالَةِ (مَعَ طُولِ الْمُدَّةِ) بَيْنَ الشَّهَادَتَيْنِ (عُرْفًا) لِأَنَّ الْأَحْوَالَ تَتَغَيَّرُ مَعَ طُولِ الزَّمَانِ، فَإِنْ لَمْ تَبْطُلْ عُرْفًا لَمْ يُبْحَثْ عَنْ عَدَالَتِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ بَقَاؤُهَا.
(وَمَتَى ارْتَابَ الْحَاكِمُ عَلَى عَدْلَيْنِ لَمْ يَخْتَبِرْ قُوَّةَ ضَبْطِهِمَا وَقُوَّةَ دِينِهِمَا؛ لَزِمَهُ الْبَحْثُ) عَمَّا شَهِدَا بِهِ (وَسُؤَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا عَنْ كَيْفِيَّةِ تَحَمُّلِهِ) بِأَنْ يَقُولَ: هَلْ هُوَ مَا شَهِدْت بِهِ أَوْ أَخْبَرْت بِهِ أَوْ أُقِرَّ عِنْدِي (بِهِ رُؤْيَةً أَوْ سَمَاعًا أَوْ إقْرَارًا وَمَتَى) تَحَمَّلْتَ الشَّهَادَةَ؟ لِيَذْكُرَ تَارِيخَ التَّحَمُّلِ، وَأَيْنَ تَحَمَّلْتهَا فِي مَسْجِدٍ أَوْ سُوقٍ أَوْ بَيْتٍ؟ (وَ) يَسْأَلُهُ (هَلْ تَحَمَّلَ) الشَّهَادَةَ (وَحْدَهُ) بِأَنْ لَمْ يَذْكُرْ مَعَهُ غَيْرَهُ حِينَ التَّحَمُّلِ، (أَوْ) كَانَ (مَعَ صَاحِبِهِ، فَإِنْ اتَّفَقَا) فِي جَوَابِهِمَا عَنْ ذَلِكَ (وَعَظَهُمَا وَخَوَّفَهُمَا) لِحَدِيثِ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ: كُنْت عِنْدَ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ وَهُوَ قَاضٍ بِالْكُوفَةِ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَادَّعَى عَلَى رَجُلٍ حَقًّا، فَأَنْكَرَهُ فَأَحْضَرَ الْمُدَّعِي شَاهِدَيْنِ شَهِدَا لَهُ، فَقَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ: وَاَلَّذِي تَقُومُ بِهِ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ لَقَدْ كَذَبَا عَلَيَّ، وَكَانَ مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ مُتَّكِئًا، فَاسْتَوَى جَالِسًا وَقَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إنَّ الطَّيْرَ لَتَخْفِقُ بِأَجْنِحَتِهَا وَتَرْمِي مِمَّا فِي حَوَاصِلِهَا مِنْ هَوْلِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّ شَاهِدَ الزُّورِ لَا تَزُولُ قَدَمَاهُ حَتَّى يَتَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» فَإِنْ صَدَقْتُمَا فَاثْبُتَا، وَإِنْ كَذَبْتُمَا فَغَطِّيَا رُءُوسَكُمَا وَانْصَرِفَا، فَغَطَّيَا رُءُوسَهُمَا وَانْصَرَفَا (فَإِنْ ثَبَتَا) بَعْدَ وَعْظِهِمَا (حُكِمَ) بِشَهَادَتِهِمَا بِسُؤَالِ مُدَّعٍ (وَإِلَّا) يَثْبُتَا (لَمْ يَقْبَلْهُمَا) قَالَ أَحْمَدُ: يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ عَنْ شُهُودِهِ كُلَّ قَلِيلٍ لِأَنَّ الرَّجُلَ يَنْتَقِلُ مِنْ حَالٍ إلَى حَالٍ.
(وَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ - لَا إنْ لَمْ يُقِمْهَا وَسَأَلَ حَبْسَ خَصْمِهِ) فِي غَيْرِ حَدٍّ حَتَّى تُزَكَّى بَيِّنَتُهُ أُجِيبَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَيُقَالُ لَهُ: إنْ جِئْت بِالْمُزَكِّينَ فِيهَا، وَإِلَّا أَطْلَقْنَاهُ (أَوْ أَقَامَ، بَيِّنَةً) وَسَأَلَ (كَفِيلًا) ؛ أَيْ: بِخَصْمَيْهِ (فِي غَيْرِ حَدٍّ) حَتَّى تُزَكَّى شُهُودُهُ أُجِيبَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً وَسَأَلَ (جَعْلَ مُدَّعًى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute