للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْضُهُ.

قَالَ فِي " الِاخْتِيَارَاتِ " وَلَوْ قِيلَ إنَّمَا يَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ إذَا كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ حَاضِرًا؛ لِأَنَّ فِيهِ فَائِدَةً وَهِيَ تَسْلِيمُهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ غَائِبًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُكَاتِبَ الْحَاكِمَ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ مِنْ شَهَادَةِ الشُّهُودِ حَتَّى يَكُونَ الْحُكْمُ فِي بَلَدِ التَّسْلِيمِ لَكَانَ مُتَوَجِّهًا.

(وَلَهُ) ؛ أَيْ: الْقَاضِي الْكَاتِبِ أَنْ يَكْتُبَ لِقَاضٍ (مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَأَنْ يُكَاتِبَ (إلَى مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ) الْكِتَابُ (مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ) وَحُكَّامِهِمْ بِلَا تَعْيِينٍ، وَيَلْزَمُ مَنْ وَصَلَ إلَيْهِ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّهُ كِتَابُ حَاكِمٍ مِنْ وِلَايَتِهِ وَصَلَ إلَى حَاكِمٍ؛ فَلَزِمَ قَبُولُهُ، كَمَا لَوْ كَانَ إلَيْهِ بِعَيْنِهِ.

(وَيُشْتَرَطُ لِقَبُولِهِ) ؛ أَيْ: كِتَابِ الْقَاضِي وَالْعَمَلِ بِهِ (أَنْ يَقْرَأَ الْكِتَابَ عَلَى عَدْلَيْنِ، وَيُعْتَبَرُ ضَبْطُهُمَا لِمَعْنَاهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُكْمُ فَقَطْ) ؛ أَيْ: دُونَ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُكْمُ نَصًّا، لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ (ثُمَّ يَقُولُ) الْقَاضِي الْكَاتِبُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ عَلَيْهِمَا (هَذَا كِتَابِي إلَى فُلَانِ) بْنِ فُلَانٍ (أَوْ إلَى مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ مِنْ الْقُضَاةِ، وَيَدْفَعُهُ إلَيْهِمَا) ؛ أَيْ: الْعَدْلَيْنِ الْمَقْرُوءِ عَلَيْهِمَا (فَإِذَا وَصَلَا) بِالْكِتَابِ إلَى عَمَلِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ (دَفَعَاهُ إلَى الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ، وَقَالَا نَشْهَدُ أَنَّهُ) ؛ أَيْ: هَذَا الْكِتَابَ (كِتَابُ الْقَاضِي فُلَانٍ إلَيْك كَتَبَهُ بِعَمَلِهِ) وَأَشْهَدَنَا عَلَيْهِ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.

وَتَعْيِينُ الْقَاضِي الْكَاتِبِ كَتَعْيِينِ شُهُودِ الْأَصْلِ؛ أَيْ: فَيُشْتَرَطُ (وَالِاحْتِيَاطُ) خَتْمُهُ بَعْدَ أَنْ يُقْرَأَ عَلَيْهِمَا صَوْنًا لِمَا فِيهِ (وَلَا يُشْتَرَطُ) الْخَتْمُ لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى شَهَادَتِهِمَا، لَا عَلَى الْخَتْمِ، «وَكَتَبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كِتَابًا إلَى قَيْصَرَ وَلَمْ يَخْتِمْهُ فَقِيلَ لَهُ إنَّهُ لَا يَقْبَلُ كِتَابًا غَيْرَ مَخْتُومٍ، فَاِتَّخَذَ الْخَاتَمَ.» وَاقْتِصَارُهُ أَوَّلًا عَلَى الْكِتَابِ دُونَ الْخَتْمِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ، وَإِنَّمَا فَعَلَهُ لِيُقْرَأَ كِتَابُهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ لِقَبُولِ الْكِتَابِ (قَوْلُهُمَا) ؛ أَيْ: الْعَدْلَيْنِ (وَقُرِئَ عَلَيْنَا وَأَشْهَدَنَا عَلَيْهِ) اعْتِمَادًا عَلَى الظَّاهِرِ (وَلَا قَوْلُ كَاتِبٍ اشْهَدْا عَلَيَّ) بِمَا فِيهِ كَسَائِرِ مَا يُتَحَمَّلُ بِهِ الشَّهَادَةُ (وَإِنْ أَشْهَدَهُمَا عَلَيْهِ) أَيْ: الْكِتَابِ (مَدْرُوجًا مَخْتُومًا لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّ مَا أَمْكَنَ إثْبَاتُهُ بِالشَّهَادَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>