للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ) الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ (إلَّا فِي مَسَافَةِ قَصْرٍ) فَأَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ نَقْلُ شَهَادَةٍ إلَى الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ؛ فَلَمْ يَجُزْ مَعَ الْقُرْبِ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ (وَكَذَا لَوْ سَمِعَ) الْكَاتِبُ الْبَيِّنَةَ (وَجَعَلَ تَعْدِيلَهَا لِقَاضٍ آخَرَ) وَهُوَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ، فَيَجُوزُ ذَلِكَ مَعَ بُعْدٍ لِمَسَافَةٍ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الثُّبُوتَ لَيْسَ بِحُكْمٍ، بَلْ خَبَرٌ بِالثُّبُوتِ، كَشَهَادَةِ الْفَرْعِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ أَمْرٌ وَنَهْيٌ يَتَضَمَّنُ إلْزَامًا.

قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ؛ وَيَجُوزُ نَقْلُهُ إلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ فَأَكْثَرَ، وَلَوْ كَانَ الَّذِي ثَبَتَ عِنْدَهُ ذَلِكَ الشَّيْءُ يُخَيَّرُ بِثُبُوتِ ذَلِكَ عِنْدَهُ.

قَالَ: وَلِلْحَاكِمِ الَّذِي اتَّصَلَ بِهِ ذَلِكَ الثُّبُوتُ الْحُكْمُ بِهِ إذَا كَانَ يَرَى صِحَّتَهُ.

قَالَ فِي " الْفُرُوعِ " وَيَتَوَجَّهُ لَوْ أَثْبَتَ حَاكِمٌ مَالِكِيٌّ وَقْفًا لَا يَرَاهُ كَوَقْفِ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ فَإِنْ حَكَمَ لِلْخِلَافِ فِي الْعَمَلِ بِالْخَطِّ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ؛ فَلِحَاكِمٍ حَنْبَلِيٍّ يَرَى صِحَّةَ الْحُكْمِ أَنْ يُنَفِّذَهُ فِي مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ، وَإِنْ لَمْ لَمْ يَحْكُمْ بَلْ قَالَ: ثَبَتَ هَذَا فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الثُّبُوتَ عِنْدَ الْمَالِكِيِّ حُكْمٌ، ثُمَّ إذَا رَأَى الْحَنْبَلِيُّ الثُّبُوتَ حُكْمًا نَفَّذَهُ، وَإِلَّا فَالْخِلَافُ فِي قُرْبِ الْمَسَافَةِ.

قَالَ: وَلِلْحَاكِمِ الْحَنْبَلِيِّ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ مَعَ بُعْدِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَمَعَ قُرْبِهَا الْخِلَافُ.

وَلَا يُقْبَلُ كِتَابُ الْقَاضِي (فِي عَيْنٍ مُدَّعًى بِهَا بِبَلَدِ الْحَاكِمِ) بَلْ يُسَلِّمُهَا بَعْدَ ثُبُوتِهَا عِنْدَهُ لِلْمُدَّعِي، وَلَا حَاجَةَ إلَى كِتَابٍ؛ لِأَنَّ لِلْقَاضِي وِلَايَةً عَلَى الْغَائِبِ وَالْمُمْتَنِعِ، فَيَقُومُ مَقَامَهُ فِي تَسْلِيمِ الْعَيْنِ كَوَلِيِّ الصَّغِيرِ.

(وَإِنْ كَانَ) الْمَحْكُومُ بِهِ (دَيْنًا أَوْ عَيْنًا بِبَلَدٍ آخَرَ) غَيْرِ بَلَدِ الْحَاكِمِ كَتَبَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ يَقِفُ عَلَى الْكِتَابِ لِيُسَلِّمَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ الْعَيْنَ لِرَبِّهَا، أَوْ يَأْمُرَ لِمَحْكُومٍ عَلَيْهِ بِوَفَاءِ الدَّيْنِ.

تَنْبِيهٌ: هُنَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ مُتَدَاخِلَاتٍ مَسْأَلَةُ إحْضَارِ الْخَصْمِ إذَا كَانَ غَائِبًا بِعَمَلِ الْقَاضِي وَلَوْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ، وَمَسْأَلَةُ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ إذَا كَانَ مَسَافَةَ قَصْرٍ فَأَكْثَرَ أَوْ مُسْتَتِرًا وَلَوْ بِالْبَلَدِ، وَمَسْأَلَةُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي، وَتَقَدَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>