(فَهِيَ) أَيْ: الشَّهَادَةُ بِمَعْنَى الْأَدَاءِ (الْإِخْبَارُ بِمَا عَلِمَهُ) الشَّاهِدُ (بِلَفْظٍ خَاصٍّ) كَشَهِدْتُ أَوْ أَشْهَدُ وَيَأْتِي. .
(تَحَمُّلُ) الشَّهَادَةِ عَلَى (الْمَشْهُودِ بِهِ فِي غَيْرِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى) مَالًا كَانَ حَقُّ الْآدَمِيِّ كَالْبَيْعِ وَالْقَرْضِ وَالْغَصْبِ أَوْ غَيْرِهِ كَحَدِّ قَذْفٍ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) إذَا قَامَ بِهِ مَنْ يَكْفِي يَسْقُطُ عَنْ غَيْرِهِ وَقَدْ يُعَيَّنُ التَّحَمُّلُ فِيمَا إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَّا مَنْ يَكْفِي فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ عَبْدًا، وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: ٢٨٢] .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَالرَّبِيعُ: الْمُرَادُ بِهِ التَّحَمُّلُ لِلشَّهَادَةِ وَإِثْبَاتُهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَلِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ فِي إثْبَاتِ الْحُقُوقِ وَالْعُقُودِ كَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَلِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى امْتِنَاعِ النَّاسِ مِنْ تَحَمُّلِهَا فَيُؤَدِّيَ إلَى ضَيَاعِ الْحُقُوقِ. .
(وَتُطْلَقُ الشَّهَادَةُ عَلَى التَّحَمُّلِ وَعَلَى الْأَدَاءِ) فَيَكُونُ الْأَدَاءُ أَيْضًا فَرْضَ كِفَايَةٍ، قَدَّمَهُ الْمُوَفَّقُ، وَجَزَمَ بِهِ جَمْعٌ، وَظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ قَالَ فِي " الْفُرُوعِ " وَنَصُّهُ أَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ.
قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ " وَهُوَ الْمَذْهَبُ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: ٢٨٣] ، خَصَّ الْقَلْبَ بِالْإِثْمِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْعِلْمِ بِهَا.
(وَيَجِبَانِ) ؛ أَيْ: التَّحَمُّلُ وَالْأَدَاءُ (عَلَى الْعَدْلِ إذَا دُعِيَ إلَيْهَا) ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الشَّهَادَةِ لَا يَحْصُلُ مِمَّنْ لَيْسَ كَذَلِكَ (لِدُونِ مَسَافَةِ قَصْرٍ) عِنْدَ سُلْطَانٍ لَا يُخَافُ تَعَدِّيهِ، نَقَلَ مُهَنَّا أَوْ حَاكِمٍ عَدْلٍ (وَقَدَرَ) عَلَى التَّحَمُّلِ أَوْ الْأَدَاءِ (بِلَا ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ فِي أَهْلٍ وَمَالٍ أَوْ بَدَنٍ أَوْ عِرْضٍ) فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ فِي التَّحَمُّلِ أَوْ الْأَدَاءِ فِي بَدَنِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ أَهْلِهِ، أَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَقْبَلُ الْحَاكِمُ شَهَادَتَهُ، أَوْ يَحْتَاجُ إلَى التَّبَذُّلِ فِي التَّزْكِيَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute