{وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ} [البقرة: ٢٨٢] وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَضُرَّ نَفْسَهُ لِنَفْعِ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ غَيْرَ عَدْلٍ فَقَالَ أَحْمَدُ: كَيْف أَشْهَدُ عِنْدَ رَجُلٍ لَيْسَ عَدْلًا لَا يَشْهَدُ.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أُمَرَاءُ ظَلَمَةٌ، وَوُزَرَاءُ فَسَقَةٌ، وَقُضَاةٌ خَوَنَةٌ، وَفُقَهَاءُ كَذَبَةٌ، فَمَنْ أَدْرَكَ مِنْكُمْ ذَلِكَ الزَّمَانَ، فَلَا يَكُونَنَّ لَهُمْ كَاتِبًا وَلَا عَرِيفًا وَلَا شُرْطِيًّا» .
(وَيَخْتَصُّ الْأَدَاءُ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ) لِأَنَّ السَّمَاعَ بِغَيْرِهِ لَا يَحْصُلُ بِهِ مَقْصُودُ الشَّهَادَةِ (وَلَوْ أَدَّى شَاهِدٌ وَأَبَى الْآخَرُ) الشَّهَادَةَ (وَقَالَ) لِلْمَشْهُودِ لَهُ (احْلِفْ بَدَلِي؛ أَثِمَ) اتِّفَاقًا، قَالَهُ فِي " التَّرْغِيبِ " (وَلَا يُقِيمُهَا) ؛ أَيْ: الشَّهَادَةَ (عَلَى قَتْلِ مُسْلِمٍ بِكَافِرٍ) قَالَهُ فِي " الْفُرُوعِ " وَظَاهِرُهُ يَحْرُمُ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ عِنْدَ مَنْ يَقْتُلُهُ بِهِ.
(وَمَتَى وَجَبَتْ الشَّهَادَةُ وَجَبَتْ كِتَابَتُهَا) عَلَى مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ، لِئَلَّا يَنْسَاهَا.
(وَإِنْ دُعِيَ فَاسِقٌ لِتَحَمُّلِهَا) ؛ أَيْ: الشَّهَادَةِ (فَلَهُ الْحُضُورُ مَعَ عَدَمِ غَيْرِهِ) إذْ التَّحَمُّلُ يُعْتَبَرُ لَهُ الْعَدَالَةُ، فَلَوْ لَمْ يُؤَدِّ حَتَّى صَارَ عَدْلًا، قُبِلَتْ (وَلَا يَحْرُمُ أَدَاؤُهُ) ؛ أَيْ: الْفَاسِقِ الشَّهَادَةَ (وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِسْقُهُ ظَاهِرًا) لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ صِدْقَهُ، وَلِهَذَا لَا يَضْمَنُ مَنْ بَانَ فِسْقُهُ.
(وَيَحْرُمُ أَخْذُ أُجْرَةٍ) عَلَى شَهَادَةٍ (وَأَخْذُ جُعْلٍ عَلَيْهَا، وَلَوْ لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَمَنْ قَامَ بِهِ فَقَدْ قَامَ بِفَرْضٍ، وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ، وَلَا الْجَعْلِ عَلَيْهِ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ (لَكِنْ إنْ عَجَزَ) الشَّاهِدُ عَنْ الْمَشْيِ إلَى مَحَلِّهَا (أَوْ تَأَذَّى بِهِ) ؛ أَيْ: الْمَشْيِ (فَلَهُ أَخْذُ أُجْرَةِ مَرْكُوبٍ) مِنْ رَبِّ الشَّهَادَةِ (وَفِي " الرِّعَايَةِ ") فَأُجْرَةُ مَرْكُوبٍ وَالنَّفَقَةُ عَلَى رَبِّهَا، ثُمَّ قَالَ: قُلْت: هَذَا إنْ تَعَذَّرَ حُضُورُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، إلَى مَحَلِّ الشَّاهِدِ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute