للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: ١٠٦] الْآيَةَ وَقَضَى بِهِ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ.

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَبِهَذَا قَالَ أَكَابِرُ الْمَاضِينَ (فَإِنْ عُثِرَ) ؛ أَيْ: اطَّلَعَ (عَلَى أَنَّهُمَا) ، أَيْ: الشَّاهِدَيْنِ الْكِتَابِيَّيْنِ (اسْتَحَقَّا إثْمًا) ؛ أَيْ: كَذَبَا فِي شَهَادَتِهِمَا (قَامَ آخَرَانِ) ؛ أَيْ: وَرَثَتُهُ؛ أَيْ: رَجُلَانِ (مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمُوصِي) (فَحَلَفَا بِاَللَّهِ تَعَالَى لَشَهَادَتِنَا) ؛ أَيْ: يَمِينُنَا (أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا، وَلَقَدْ خَانَا وَكَتَمَا وَيَقْضِي لَهُمْ) لِلْآيَةِ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَهْمٍ مَعَ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ وَعَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ فَمَاتَ السَّهْمِيُّ بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا مُسْلِمٌ، فَلَمَّا قَدِمَا بِتَرِكَتِهِ فَقَدُوا جَامَ فِضَّةٍ مَخُوصًا بِذَهَبٍ، فَأَحْلَفَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ وَجَدَ الْجَامَ بِمَكَّةَ، فَقَالُوا: اشْتَرَيْنَاهُ مِنْ تَمِيمٍ وَعَدِيٍّ، فَقَامَ رَجُلَانِ مِنْ أَوْلِيَاءِ السَّهْمِيِّ فَحَلَفَا بِاَللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا، وَأَنَّ الْجَامَ لِصَاحِبِهِمْ، فَنَزَلَتْ فِيهِمْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} [المائدة: ١٠٦] » الْآيَةَ " رَوَى أَبُو عُبَيْدٍ فِي " النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ " أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَضَى بِذَلِكَ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ أَيْضًا فَالْمَائِدَةُ مِنْ آخِرِ مَا أُنْزِلَ. .

(السَّادِسُ الْعَدَالَةُ) ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (وَهِيَ) ؛ أَيْ: الْعَدَالَةُ (لُغَةً التَّوَسُّطُ) وَالِاسْتِقَامَةُ وَالِاسْتِوَاءُ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا، مَأْخُوذَةً مِنْ عَدُلَ - بِضَمِّ الدَّالِ - إذْ الْعَدْلُ ضِدُّ الْجَوْرِ - أَيْ: الْمَيْلُ - لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: «لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلَا خَائِنَةٍ، وَلَا ذِي غِمْرٍ عَلَى أَخِيهِ، وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْقَانِعِ لِأَهْلِ الْبَيْتِ، وَالْقَانِعُ الَّذِي يُنْفِقُ عَلَيْهِ أَهْلُ الْبَيْتِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد. وَلِأَنَّ غَيْرَ الْعَدْلِ لَا يُؤْمَنُ مِنْهُ أَنْ يَتَحَامَلَ عَلَى غَيْرِهِ، فَيَشْهَدَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ. (وَشَرْعًا مَلَكَةٌ فِي النَّفْسِ تَمْنَعُهُمَا مِنْ ارْتِكَابِ الْمَعَاصِي وَالرَّذَائِلِ الْمُبَاحَةِ وَيُعْتَبَرُ لَهَا) أَيْ: الْعَدَالَةِ (شَيْئَانِ: أَحَدُهُمَا الصَّلَاحُ فِي الدِّينِ، وَهُوَ نَوْعَانِ أَدَاءُ الْفَرَائِضِ بِرَوَاتِبِهَا) ؛ أَيْ: سُنَنِ الصَّلَوَاتِ الرَّاتِبَةِ.

نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ الْوِتْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>