وَإِنْ كَانَ فِسْقُ الْفَاسِقِ (بِتَرْكِ وَاجِبٍ فَلَا بُدَّ) لِصِحَّةِ تَوْبَتِهِ (مِنْ فِعْلِهِ) أَيْ: الْوَاجِبِ الَّذِي تَرَكَهُ (وَيُسَارِعُ) بِفِعْلِ ذَلِكَ الْوَاجِبِ فَوْرًا، وَإِنْ كَانَ فِسْقُهُ بِتَرْكِ حَقٍّ لِآدَمِيٍّ كَقِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ؛ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّمْكِينِ مِنْ نَفْسِهِ بِبَذْلِهَا لِلْمُسْتَحِقِّ (وَيُعْتَبَرُ رَدُّ مَظْلِمَةٍ) فِسْقٌ بِتَرْكِ رَدِّهَا كَمَغْصُوبٍ وَنَحْوَهُ فَإِنْ عَجَزَ نَوَى رَدَّهُ مَتَى قَدَرَ عَلَيْهِ (أَوْ يَسْتَحِلُّهُ) ؛ أَيْ: رَبُّ الْمَظْلِمَةِ بِأَنْ يَطْلُبَ أَنْ يُحَلِّلَهُ (وَيُمْهَلُ تَائِبٌ مُعْسِرٌ) ؛ أَيْ: يُمْهِلُهُ رَبُّ الْمَظْلِمَةِ إلَى أَنْ يَصِيرَ مُوسِرًا فَإِنْ وَجَدَ الْمَظْلُومُ وَقْتَ يَسَارِ الظَّالِمِ رُدَّتْ مَظْلِمَتُهُ إلَيْهِ، وَإِلَّا يُوجَدُ (فَتُرَدُّ لِبَيْتِ مَالٍ حَيْثُ لَا وَارِثَ وَيَعْتَرِفُ مُبْتَدِعٌ بِبِدْعَةٍ، وَيَعْتَقِدُ الْحَقَّ) وَيُصَمِّمُ عَلَى ضِدِّ مَا كَانَ يَعْتَقِدُهُ مِنْ مُخَالَفَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ. .
(وَلَا تَصِحُّ التَّوْبَةُ مُعَلَّقَةً) بِشَرْطٍ فِي الْحَالِ وَلَا عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ النَّدَمَ وَالْعَزْمَ فِعْلُ الْقَلْبِ، وَلَا يَتَأَتَّى تَعْلِيقُهُ، وَكَذَا الْإِقْلَاعُ (وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا) ؛ أَيْ: التَّوْبَةِ (مِنْ نَحْوِ قَذْفٍ وَغِيبَةٍ إعْلَامُهُ) ؛ أَيْ: الْمَقْذُوفَ وَالْمُغْتَابَ (وَالتَّحَلُّلُ مِنْهُ) قَالَ أَحْمَدُ: إذَا قَذَفَ ثُمَّ تَابَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ قَدْ قَذَفْتُك هَذَا يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ بَلْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى (وَالشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ الْكِيلَانِيُّ) (يَحْرُمُ إعْلَامُهُ) لِأَنَّ فِيهِ إيذَاءً صَرِيحًا، وَإِذَا اسْتَحَلَّهُ يَأْتِي بِلَفْظٍ عَامٍّ مُبْهَمٍ؛ لِصِحَّةِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْمَجْهُولِ.
(وَمَنْ تَتَبَّعَ الرُّخْصَ بِلَا حُكْمِ حَاكِمٍ؛ فَسَقَ نَصًّا. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إجْمَاعًا)
وَذَكَرَ الْقَاضِي غَيْرَ مُتَأَوِّلٍ وَلَا مُقَلِّدٍ، وَلُزُومُ التَّمَذْهُبِ بِمَذْهَبٍ وَامْتِنَاعُ الِانْتِقَالِ إلَى غَيْرِهِ الْأَشْهَرُ عَدَمُهُ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَوْ عَمِلَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْكُوفَةِ فِي النَّبِيذِ، وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي السَّمَاعِ يَعْنِي الْغِنَاءَ، وَأَهْلِ مَكَّةَ فِي الْمُتْعَةِ، لَكَانَ فَاسِقًا لِأَخْذِهِ بِالرُّخْصِ، وَتَتَبُّعِهِ لَهَا (قَالَ الْقَرَافِيُّ الْمَالِكِيُّ: وَلَا نُرِيدُ بِالرُّخْصِ مَا فِيهِ سُهُولَةٌ عَلَى الْمُكَلَّفِ، بَلْ مَا ضَعُفَ مُدْرِكُهُ بِحَيْثُ يُنْقَضُ فِيهِ الْحُكْمُ، وَهُوَ مَا خَالَفَ الْإِجْمَاعَ أَوْ النَّصَّ أَوْ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ، أَوْ خَالَفَ الْقَوَاعِدَ انْتَهَى، وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute