للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَسَنٌ) يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ: وَمَنْ أَوْجَبَ تَقْلِيدَ إمَامٍ بِعَيْنِهِ اُسْتُتِيبَ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ، وَإِنْ قَالَ يَنْبَغِي كَانَ جَاهِلًا ضَالًّا.

وَمَنْ كَانَ مُتَّبِعًا لِإِمَامٍ، فَخَالَفَهُ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ لِقُوَّةِ الدَّلِيلِ أَوْ يَكُونُ أَحَدُهُمَا أَعْلَمَ وَأَنْقَى؛ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَلَمْ يُقْدَحْ فِي عَدَالَتِهِ بِلَا نِزَاعٍ انْتَهَى، لِأَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَخْتَلِفُونَ فِي " الْفُرُوعِ "، وَقَبِلُوا شَهَادَةَ مُخَالِفٍ لَهُمْ فِيهَا، وَلِأَنَّهُ اجْتِهَادٌ سَائِغٌ فَلَا يَفْسُقُ بِهِ الْمُخَالِفُ كَالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ.

(وَمَنْ أَتَى فَرْعًا فِقْهِيًّا مُخْتَلَفًا فِيهِ كَمَنْ تَزَوَّجَ بِلَا وَلِيٍّ أَوْ تَزَوَّجَ بِنْتَه مِنْ زَنَا أَوْ شَرِبَ مِنْ نَبِيذٍ مَا لَا يُسْكِرُ أَوْ أَخَّرَ الْحَجَّ قَادِرًا) ؛ أَيْ: مُسْتَطِيعًا (إنْ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ) ؛ أَيْ: مَا فَعَلَهُ مِمَّا ذُكِرَ (رُدَّتْ) شَهَادَتُهُ نَصًّا، لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ عَمْدًا، فَوَجَبَ أَنْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ، كَمَا لَوْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَى تَحْرِيمه، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مَعَ الْمُدَاوَمَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَبَقَ (وَإِنْ تَأَوَّلَ) ؛ أَيْ: فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مُسْتَدِلًّا عَلَى حِلِّهِ بِاجْتِهَادِهِ (أَوْ قَلَّدَ) الْقَائِلُ بِحِلِّهِ؛ فَلَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ اجْتِهَادٌ سَائِغٌ فَلَا يَفْسُقُ بِهِ مَنْ فَعَلَهُ، أَوْ قَلَّدَ فِيهِ.

الشَّيْءُ (الثَّانِي) مِمَّا يُعْتَبَرُ لِلْعَدَالَةِ (اسْتِعْمَالُ الْمُرُوءَةِ) بِوَزْنِ سُهُولَةٍ؛ أَيْ: الْإِنْسَانِيَّةِ (بِفِعْلِ مَا يُجَمِّلُهُ وَيُزَيِّنُهُ) عَادَةً كَحُسْنِ الْخُلُقِ وَالسَّخَاءِ وَبَذْلِ الْجَاهِ وَحُسْنِ الْجِوَارِ وَنَحْوَهُ (وَتَرْكُ مَا يُدَنِّسُهُ وَيَشِينُهُ) ؛ أَيْ: يَعِيبُهُ عَادَةً مِنْ الْأُمُورِ الدَّنِيئَةِ الْمُزْرِيَةِ بِهِ (فَلَا شَهَادَةَ مَقْبُولَةً لِمُصَافَعٍ) ؛ أَيْ: يَصْفَعُ غَيْرَهُ، وَيَصْفَعُهُ غَيْرُهُ، لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا (وَمُتَمَسْخِرٍ) يُقَالُ سَخِرَ مِنْهُ وَبِهِ كَفَرِحَ، وَسَخِرَ هَذَى كَاسْتَخَرَ (وَرَقَّاصٍ) كَثِيرِ الرَّقْصِ (وَمُشَعْبِذٍ) وَالشَّعْبَذَةُ وَالشَّعْوَذَةُ خِفَّةٌ فِي الْيَدِ كَالسِّحْرِ (وَمُغَنٍّ، وَكُرِهَ الْغِنَاءُ بِلَا آلَةِ غِنَاءٍ) مِنْ عُودٍ وَطُنْبُورٍ وَنَحْوِهِمَا (وَاخْتَارَا الْأَكْثَرُ) ؛ أَيْ: أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَحْرُمُ الْغِنَاءُ، سَوَاءٌ كَانَ مَعَ آلَةِ لَهْوٍ أَوْ لَا (بَلْ ادَّعَى الْقَاضِي عِيَاضٌ الْإِجْمَاعَ عَلَى كُفْرِ مُسْتَحِلِّهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ) إذْ الْمَذْهَبُ كَرَاهَتُهُ بِلَا آلَةِ لَهْوٍ، وَمَعَهَا حَرَامٌ مِنْ حَيْثُ الْآلَةُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ: وَالْغِنَاءُ وَالنَّوْحُ مَعْنًى وَاحِدٌ؛ فَلَيْسَ الْمُرَادُ النَّوْحَ

<<  <  ج: ص:  >  >>