«وَقِيلَ لِسَلْمَانَ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ قَالَ: أَجَلْ» (أَوْ) ادَّعَى عَلَيْهِ بِأَلْفٍ فَقَالَ (صَدَقْت أَوْ) قَالَ: أَنَا مُقِرٌّ بِهِ، أَوْ قَالَ (إنِّي مُقِرٌّ بِهِ، أَوْ قَالَ) إنِّي مُقِرٌّ لَك (بِدَعْوَاك، أَوْ) قَالَ: أَنَا أَوْ إنِّي (مُقِرٌّ فَقَطْ) فَقَدْ أَقَرَّ، لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ تَدُلُّ عَلَى تَصْدِيقِ الْمُدَّعِي، أَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِأَلْفٍ مَثَلًا (فَقَالَ: خُذْهَا أَوْ اتَّزِنْهَا أَوْ اقْبِضْهَا أَوْ اُحْرُزْهَا، أَوْ قَالَ هِيَ صِحَاحٌ أَوْ قَالَ: كَأَنِّي جَاحِدٌ لَك، أَوْ كَأَنِّي جَحَدْتُك حَقَّك، فَقَدْ أَقَرَّ) لِانْصِرَافِهِ إلَى الدَّعْوَى، لِوُقُوعِهِ عَقِبَهَا، وَلِعَوْدِ الضَّمِيرِ لِمَا تَقَدَّمَ فِيهَا، وَكَذَا إنْ قَالَ: أَقْرَرْتُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالُوا أَقْرَرْنَا} [آل عمران: ٨١] .
وَلَمْ يَقُولُوا بِذَلِكَ (لَا إنْ قَالَ) مُدَّعًى عَلَيْهِ أَنَا أُقِرُّ؛ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إقْرَارًا، بَلْ هُوَ وَعْدٌ بِالْإِقْرَارِ، وَالْوَعْدُ بِالشَّيْءِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِهِ (أَوْ قَالَ لَا أُنْكِرُ) لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْإِنْكَارِ الْإِقْرَارُ؛ لِأَنَّ بَيْنَهُمَا قِسْمًا آخَرَ، وَهُوَ السُّكُوتُ، أَوْ قَالَ (يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُحِقًّا) لِجَوَازِ أَنْ لَا يَكُونَ مُحِقًّا، أَوْ قَالَ (عَسَى أَوْ قَالَ لَعَلَّ) لِأَنَّهَا لِلشَّكِّ، أَوْ قَالَ (أَظُنُّ أَوْ أَحْسِبُ أَوْ أَقْدُرُ) لِاسْتِعْمَالِهَا فِي الشَّكِّ (أَوْ قَالَ خُذْ) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ خُذْ الْجَوَابَ مِنِّي، أَوْ قَالَ (اتَّزِنْ أَوْ أَحْرِزْ، أَوْ قَالَ: افْتَحْ كُمَّك) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لِشَيْءٍ غَيْرِ الْمُدَّعَى بِهِ، وَقَوْلُ مُدَّعٍ (بَلَى فِي جَوَابِ أَلَيْسَ لِي عَلَيْك كَذَا إقْرَارٌ) بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ نَفْيَ النَّفْيِ إثْبَاتٌ لَا قَوْلُ (نَعَمْ إلَّا مِنْ عَامِّيٍّ) فَيَكُونُ إقْرَارًا كَقَوْلِهِ عَشَرَةٌ غَيْرُ دِرْهَمٍ بِضَمِّ الرَّاءِ يَلْزَمُهُ تِسْعَةٌ؛ إذْ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْحُذَّاقُ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ، وَمِثْلُهُ عَشَرَةٌ إلَّا دِرْهَمٌ بِرَفْعِ دِرْهَمٍ إذْ إلَّا فِيهِ بِمَعْنَى غَيْرِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: ٢٢] .
لَكِنْ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا حُذَّاقُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ، وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute