(وَتَصِحُّ) الصَّلَاةُ (خَلْفَ مَنْ خَالَفَ) مَأْمُومَهُ (فِي فَرْعٍ لَمْ يَفْسُقْ بِهِ بِلَا كَرَاهَةٍ) ، كَالصَّلَاةِ خَلْفَ مَنْ يَرَى صِحَّةَ النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ أَوْ بِلَا شُهُودٍ، لِفِعْلِ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ ذَلِكَ، فَإِنْ خَالَفَ فِي أَصْلٍ، كَمُعْتَزِلَةٍ، أَوْ فَرْعٍ فَسَقَ بِهِ، كَمَنْ شَرِبَ مِنْ النَّبِيذِ مَا يُسْكِرُهُ مَعَ اعْتِقَادِهِ تَحْرِيمَهُ، لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ، لِفِسْقِهِ.
وَالنَّبِيذُ: هُوَ عَصِيرُ الْعِنَبِ، وَنَقِيعُ التِّينِ وَالتَّمْرِ، وَنَقِيعُ الزَّبِيبِ وَالذُّرَةِ وَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ، وَنَحْوِهَا إذَا لَمْ يَغْلِ بِنَفْسِهِ وَيَشْتَدَّ، أَوْ يَمْضِي عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، فَهُوَ بَاقٍ عَلَى إبَاحَتِهِ إجْمَاعًا، وَإِذَا غَلَى وَاشْتَدَّ، أَوْ مَضَى عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَلَوْ لَمْ يَغْلِ، فَهُوَ مُحَرَّمٌ، وَإِذَا طُبِخَ عَصِيرُ الْعِنَبِ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثَاهُ، وَبَقِيَ ثُلُثُهُ، فَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا؛ لِأَنَّ قَلِيلَهُ لَا يُسْكِرُ بِخِلَافِ كَثِيرِهِ.
(وَلَا إنْكَارَ فِي مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ) .
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " السِّرِّ الْمَصُونِ ": رَأَيْت جَمَاعَةً مِنْ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْعِلْمِ يَعْمَلُونَ عَمَلَ الْعَوَامّ، فَإِذَا صَلَّى الْحَنْبَلِيُّ فِي مَسْجِدِ شَافِعِيٍّ، تَعَصَّبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَإِذَا صَلَّى الشَّافِعِيُّ فِي مَسْجِدِ حَنْبَلِيٍّ، وَجَهَرَ بِالْبَسْمَلَةِ، تَعَصَّبَ الْحَنَابِلَةُ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ اجْتِهَادِيَّةٌ، وَالْعَصَبِيَّةُ فِيهَا مُجَرَّدُ أَهْوَاءٍ يَمْنَعُ مِنْهَا الْعِلْمُ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: رَأَيْت النَّاسَ لَا يَعْصِمُهُمْ مِنْ الظُّلْمِ إلَّا الْعَجْزُ وَلَا أَقُولُ: الْعَوَامُّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute