وَلَمَّا حَضَرَ ابْنَ الْمُبَارَكِ الْمَوْتُ، لَقَّنَهُ رَجُلٌ الشَّهَادَةَ فَأَكْثَرَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: إذَا قُلْتُ مَرَّةً، فَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مَا لَمْ أَتَكَلَّمْ.
(وَاخْتَارَ الْأَكْثَرُ) ، أَيْ: أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ تَلْقِينَهُ ذَلِكَ (ثَلَاثًا) ، قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُلَقَّنُ ثَلَاثًا. (وَلَمْ يَزِدْ) عَلَى ثَلَاثٍ (إلَّا إنْ تَكَلَّمَ) بَعْدَهَا، (فَيُعَادُ) التَّلْقِينُ، لِيَكُونَ آخِرَ كَلَامِهِ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ.
وَيَكُونُ (بِرِفْقٍ) ؛ لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ بِكُلِّ شَيْءٍ وَهَذَا أَوْلَى بِهِ.
(وَكُرِهَ تَلْقِينُ وَرَثَةٍ) ، أَيْ: أَحَدِهِمْ لِلْمُحْتَضَرِ، (بِلَا عُذْرٍ) ، بِأَنْ حَضَرَهُ غَيْرُهُ، (قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي) ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ تُهْمَةِ الِاسْتِعْجَالِ، وَلَا يُزَادُ عَلَى ثَلَاثٍ؛ لِئَلَّا يُضْجِرَهُ، مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ، كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَسُنَّ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ، وَ " يَاسِينَ " عِنْدَهُ) ، أَيْ: الْمُحْتَضَرِ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اقْرَءُوا عَلَى مَوْتَاكُمْ سُورَةَ: يَاسِينَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ.
وَلِمَا فِيهَا مِنْ التَّوْحِيدِ وَالْمَعَادِ، وَالْبُشْرَى بِالْجَنَّةِ لِأَهْلِ التَّوْحِيدِ، وَغِبْطَةِ مَنْ مَاتَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ} [يس: ٢٦] {بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي} [يس: ٢٧] فَتَسْتَبْشِرُ الرُّوحُ بِذَلِكَ، فَيُحِبُّ لِقَاءَ اللَّهِ، فَيُحِبُّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، فَإِنَّ هَذِهِ السُّورَةَ قَلْبُ الْقُرْآنِ، وَلَهَا خَاصِّيَّةٌ عَجِيبَةٌ فِي قِرَاءَتِهَا عِنْدَ الْمُحْتَضَرِ.
قَالَ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ ": وَيَقْرَأُ: " تَبَارَكَ " وَلِأَنَّهُ يُسَهِّلُ خُرُوجَ الرُّوحِ.
(وَ) سُنَّ (تَوْجِيهُهُ لِلْقِبْلَةِ) قَبْلَ النُّزُولِ بِهِ، «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْبَيْتِ الْحَرَامِ: قِبْلَتُكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
وَيَكُونُ تَوْجِيهُهُ (عَلَى جَنْبٍ أَيْمَنَ مَعَ سَعَةِ مَكَان) ، رُوِيَ عَنْ فَاطِمَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute