للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا قَالَتْ لِأُمِّ رَافِعٍ: " اسْتَقْبِلِي بِي الْقِبْلَةَ، ثُمَّ قَامَتْ فَاغْتَسَلَتْ أَحْسَنَ مَا تَغْتَسِلُ، وَلَبِسَتْ ثِيَابًا جُدُدًا. وَقَالَتْ: إنِّي الْآنَ مَقْبُوضَةٌ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْ الْقِبْلَةَ مُتَوَسِّدَةً يَمِينَهَا ". (وَيَتَّجِهُ) : الْأَفْضَلُ تَوْجِيهُهُ لِلْقِبْلَةِ مَعَ سِعَةِ مَكَان (وَعَدَمِ مَشَقَّةٍ) ، فَإِنْ كَانَ الْمَكَانُ ضَيِّقًا، أَوْ كَانَ فِي تَوْجِيهِهِ مَشَقَّةٌ، فَلَا يُوَجَّهُ.

وَهُوَ مُتَّجِهٌ، يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) يَكُنْ الْمَكَانُ وَاسِعًا، (فَ) يُوَجَّهُ (عَلَى ظَهْرِهِ) ، أَيْ: مُسْتَلْقِيًا عَلَى قَفَاهُ، وَأَخْمَصَاهُ إلَى الْقِبْلَةِ، كَالْمَوْضُوعِ عَلَى الْمُغْتَسَلِ، (قَالَ جَمَاعَةٌ) مِنْ الْأَصْحَابِ: (وَيُرْفَعُ رَأْسُهُ) إذَا كَانَ مُسْتَلْقِيًا (قَلِيلًا) لِيَصِيرَ وَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ دُونَ السَّمَاءِ. (وَاسْتَحَبَّ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ تَطْهِيرَ ثِيَابِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) ؛ «لِأَنَّ أَبَا سَعِيدٍ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ، دَعَا بِثِيَابٍ جُدُدٍ فَلَبِسَهَا، وَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: الْمَيِّتُ يُبْعَثُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي يَمُوتُ فِيهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ قَالَ: الْمُرَادُ بِثِيَابِهِ: عَمَلُهُ، قَالَ: وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: ٤] وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ الْأَكْثَرُ.

(وَيَنْبَغِي) لِلْمَرِيضِ (اشْتِغَالُهُ بِنَفْسِهِ) بِأَنْ يَسْتَحْضِرَ فِي نَفْسِهِ بِأَنَّهُ حَقِيرٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِ اللَّهِ، وَأَنَّهُ تَعَالَى غَنِيٌّ عَنْ عِبَادَاتِهِ وَطَاعَاتِهِ، وَأَنْ لَا يَطْلُبَ الْعَفْوَ وَالْإِحْسَانَ إلَّا مِنْهُ، وَأَنْ يُكْثِرَ مَا دَامَ حَاضِرَ الذِّهْنِ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ، وَأَنْ يُبَادِرَ إلَى أَدَاءِ الْحُقُوقِ بِرَدِّ الْمَظَالِمِ وَالْوَدَائِعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>