جَزَمَ بِهِ فِي " التَّنْقِيحِ "، وَتَبِعَهُ فِي الْمُنْتَهَى " (خِلَافًا لَهُ) ، أَيْ: لِصَاحِبِ " الْإِقْنَاعِ " تَبَعًا لِلتَّبْصِرَةِ " - (غُسْلُ شَهِيدِ مَعْرَكَةٍ) ، وَهُوَ: الْمَقْتُولُ بِأَيْدِي الْكُفَّارِ وَقْتَ قِيَامِ الْقِتَالِ، فَلَا يُغَسَّلُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: ١٦٩] وَالْحَيُّ لَا يُغَسَّلُ، «وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَتْلَى أُحُدٍ: لَا تُغَسِّلُوهُمْ، فَإِنَّ كُلَّ جُرْحٍ، أَوْ كُلَّ دَمٍ يَفُوحُ مِسْكًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ» ، رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَهَذِهِ الْعِلَّةُ تُوجَدُ فِي غَيْرِهِمْ، فَلَا يُقَالُ: إنَّهُ خَاصٌّ بِهِمْ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ شَهِيدًا؛ لِأَنَّهُ حَيٌّ؛ وَلِأَنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يَشْهَدُونَ لَهُ بِالْجَنَّةِ، أَوْ لِقِيَامِهِ بِشَهَادَةِ الْحَقِّ حَتَّى قُتِلَ، وَنَحْوُهُ مِمَّا قِيلَ فِيهِ. (وَمَقْتُولٌ ظُلْمًا) ، كَمَنْ قَتَلَهُ نَحْوُ لِصٍّ، أَوْ أُرِيدَ مِنْهُ الْكُفْرُ فَقُتِلَ دُونَهُ، أَوْ أُرِيدَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ حُرْمَتِهِ، فَقَاتَلَ دُونَ ذَلِكَ فَقُتِلَ، لِحَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ مَرْفُوعًا «مَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ. وَلِأَنَّهُمْ مَقْتُولُونَ بِغَيْرِ حَقٍّ، أَشْبَهُوا قَتْلَ الْكُفَّارِ؛ فَلَا يُغَسَّلُونَ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْمَطْعُونِ وَالْمَبْطُونِ وَالْغَرِيقِ وَنَحْوِهِمْ. (وَيَتَّجِهُ: لَا) يُكْرَهُ غُسْلُ مَقْتُولٍ (خَطَأً) ، فَيُغَسَّلُ، سَوَاءٌ قَتَلَهُ الْكُفَّارُ أَوْ الْمُسْلِمُونَ خَطَأً، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ. (وَ) يَتَّجِهُ: (أَنَّهُ مَعَ) وُجُودِ (دَمٍ عَلَيْهِمَا) ، أَيْ: الشَّهِيدِ وَالْمَقْتُولِ ظُلْمًا (يَحْرُمُ) تَغْسِيلُهُمَا، (لِزَوَالِهِ) ، أَيْ: الدَّمَ عَنْهُمَا، لِعُمُومِ حَدِيثِ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِدَفْنِ قَتْلَى أُحُدٍ بِدِمَائِهِمْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute