للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَيَتَّجِهُ: وَمِثْلُهُ) ، أَيْ: مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْحُرْمَةِ بَلْ أَفْظَعُ مِنْهُ (إلْقَاءُ تُرَابٍ عَلَى رَأْسٍ، وَ) أَقْبَحُ مِنْهُ (دُعَاءٌ بِوَيْلٍ وَثُبُورٍ) ، لِأَنَّهُ مِنْ أَفْعَالِ الْجَاهِلِيَّةِ وَفِي الْخَبَرِ: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» وَفِي بَعْضِ الْآثَارِ: " إنَّ أَهْلَ الْمَيِّتِ إذَا دَعَوْا بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ؛ وَقَفَ مَلَكُ الْمَوْتِ بِعَتَبَةِ الْبَابِ، وَقَالَ: إنْ كَانَ صَيْحَتُكُمْ عَلَيَّ فَإِنِّي مَأْمُورٌ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى مَيِّتِكُمْ فَإِنَّهُ مَقْبُورٌ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى رَبِّكُمْ فَالْوَيْلُ لَكُمْ وَالثُّبُورُ، وَإِنَّ لِي فِيكُمْ لَعَوْدَاتٌ ثُمَّ عَوْدَاتٌ " وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَيُبَاحُ يَسِيرُ نُدْبَةِ) الصِّدْقِ (إذَا لَمْ تَخْرُجْ مَخْرَجَ نَوْحٍ نَحْوِ) قَوْلِهِ: (يَا أَبَتَاهُ يَا وَلَدَاهُ) ، لِفِعْلِ فَاطِمَةَ لَمَّا أَخَذَتْ قَبْضَةً مِنْ تُرَابِ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَضَعَتْهَا عَلَى عَيْنِهَا، ثُمَّ قَالَتْ:

مَاذَا عَلَى مَنْ شَمَّ تُرْبَةَ أَحْمَدَ ... أَنْ لَا يَشُمَّ مَدَى الزَّمَانِ غَوَالِيَا

صُبَّتْ عَلَيَّ مَصَائِبُ لَوْ أَنَّهَا ... صُبَّتْ عَلَى الْأَيَّامِ عُدْنَ لَيَالِيَا

(وَجَاءَتْ الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ بِتَعْذِيبِ الْمَيِّتِ بِنَوْحٍ وَبُكَاءٍ عَلَيْهِ) ، فَحَمَلَهُ ابْنُ حَامِدٍ عَلَى مَنْ أَوْصَى بِهِ، لِأَنَّ عَادَةَ الْعَرَبِ الْوَصِيَّةُ بِفِعْلِهِ، فَخُرِّجَ عَلَى عَادَتِهِمْ، كَقَوْلِ طَرَفَةَ:

إذَا مِتُّ فَانْعِينِي بِمَا أَنَا أَهْلُهُ ... وَشُقِّي عَلَيَّ الْجَيْبَ يَا بِنْتَ مَعْبَدِ

وَقَوْلِ الْآخَرِ:

مَنْ كَانَ مِنْ أُمَّهَاتِي بَاكِيًا أَبَدَا ... فَالْيَوْمُ إنِّي أَرَانِي الْيَوْمَ مَقْبُوضَا

تُسْمِعْنَنِيهِ فَإِنِّي غَيْرُ سَامِعِهِ ... إذَا جُعِلْتُ عَلَى الْأَعْنَاقِ مَعْرُوضَا

(وَالْمُرَادُ: بُكَاءٌ مُحَرَّمٌ كَنَدْبٍ وَنَحْوِهِ) مِنْ لَطْمِ خَدٍّ وَشَقِّ جَيْبٍ، (وَيَنْبَغِي إيصَاءٌ بِتَرْكِهِ) لِفِعْلِ السَّلَفِ، (وَاخْتَارَ الْمَجْدُ: إذَا كَانَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>