للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فإن قيل: كيف يعلمون ما كان في قلوبهم في الدنيا من الإيمان ومقداره؟ [قلنا]: يجعل اللَّه سبحانه وتعالى علامات يعرفون ذلك بها كما يعلمون كونهم من أهل التوحيد. قال: وفيه أن الأعمال من الإيمان لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خردل من إيمان" والمراد ما زاد على أصل التوحيد، اهـ. وتقدم معنى ذلك معزُوًّا لغيره.

قوله في الحديث: "ثم يقولون ربنا لم نذر فيها خيرا" هكذا هو خيرًا بإسكان الياء، أي صاحب خير. قوله: "فيقول اللَّه عز وجل شفعت الملائكة وشفع النبيئون ولم يبق إلا أرحم الراحمين" شفعت الملائكة هو بفتح الفاء.

قال النووي: وإنما ذكرته وإن كان ظاهرا لأني رأيت من يصحفه ولا خلاف فيه، يقال شفع يشفع شفاعة فهو شافع وشفيع والمشفع بكسر الفاء الذي يقبل الشفاعة والمشفع بفتحها الذي تقبل شفاعته. قوله: "فيقبض قبضة من النار" معناه يجمع جماعة. قوله: "فيخرج منها قوم من النار لم يعملوا خيرا قط" فهؤلاء أحرقتهم النار جميعهم فلم يبق في بدن أحدهم موضع لم تمسه بحيث صاروا حمما وهو الفحم المحترق بالنار، فظاهر السياق أنه لم يكن في قلوبهم مثقال ذرة من خير، فهذا السياق يدل على ذلك. وفي الحديث الآخر: لأخرجن من قال لا إله إلا اللَّه. قال القاضي عياض (١): فهؤلاء الذين معهم مجرد الإيمان وهم الذين لم يؤذن في الشفاعة فيهم وإنما دلت الآثار على أنه أذن لمن عنده شيء زائد من العمل على مجرد الإيمان وجعل الشافعين من الملائكة والنبيين دليلا عليه وتفرد اللَّه سبحانه وتعالى بعلم ما تُكِنُّه


(١) إكمال المعلم بفوائد مسلم (١/ ٥٦٧)، شرح النووي على مسلم (٣/ ٣١).