للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فأهوى بأصبعيه إلى أذنيه فقال: صُمَّتا إن لم أكن سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: الورود الدخول، لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها"، معناه لم يدخل دخولا تخليديا، ويجب التأويل بمثله جمعا بين الآيات والأحاديث فتكون على المؤمن بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم حتى أن النار أو قال لجهنم ضجيجا من بردهم، الحديث. تقدم الكلام على الاختلاف في الورود في الحديث قبله فلما وجب ورود النار بمقتضى قوله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} (١)، وكان في القوم من لا يُعذّب اختلفت مراتبهم في ورودها فمنهم من يمر على الصراط المنصوب عليها متعاليا عنه مبعَدًا عنها مع الإسراع كالبرق أو كالريح ونحو ذلك فلا يحسون ألمها بل لا يسمعون حسيسها كما قال اللَّه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (١٠١) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا} (٢) الآية، ومنهم من يُلزم بالمرور على الصراط من غير تجاف عنه لما يقتضيه علمه وحاله إلا أنه يدركه اللطف فيغلب نور إيمانه لهب النار فيطفئه كما جاء في الحديث: إن النار تقول للمؤمن جز يا مؤمن فقد أطفأ نورك لهبي ولا يخفى عليك أن هذا القول من النار لا يكون إلا للمؤمن الضعيف البطيء السير فكيف يكون انطفاء النار بنور المؤمن القوي وكيف يكون خمود النار إذا ركَز النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حربَتَه على الصراط المنصوب عليها لا جرم أنه جاء في الحديث أن المؤمنين يمرون بالنار


(١) سورة مريم، الآية: ٧١.
(٢) سورة الأنبياء، الآية: ١٠١ - ١٠٢.