للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فتعود إليها مرة أخرى حتى تحترق. قال الإمام الغزالي فلعلك تظن أن هذا لنقصانها وجهلها، فاعلم أن جهل الإنسان أعظم من جهلها بل صورة الإنسان في الإكباب على الشهوات في التهافت على النار فلا يزال يرمي نفسه فيها إلى أن ينغمس فيها ويهلك هلاكا مؤبدا فليت جهل الآدمي كان كجهل الفراش فإنها باغترارها بظاهر الضوء إن احترقت تخلصت في [الحال] والآدمي يبقى في النار أبدًا الآباد ومدة مديدة ولذلك كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إنكم تتهافتون في النار تهافت الفراش وأنا آخذ بحجزكم". وقال تعالى: {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (٤)} (١) شبّههم بالفراش في الكثرة والانتشار والضعف والذلة والتطاير إلى الداعي من كل جانب كما يتطاير الفراش، اهـ.

قوله -صلى الله عليه وسلم-: "فأنا آخذ بحجزكم" قال النووي (٢): روي بوجهين أحدهما: اسم فاعل بكسر الخاء وتنوين الذال المعجمة. والثاني: فعل مضارع بضم الخاء بلا تنوين والأول أشهر وهما صحيحان. وقوله: "بحجزكم" بضم الحاء المهملة وفتح الجيم جمع حجزة بضم الحاء وإسكان الجيم وهو موضع الإزار والسراويل يقال: تحاجز القوم أخذ بعضهم بحجزة بعض وإذا أراد الرجل إمساك من يخاف سقوطه أخذ بذلك الموضع منه. قوله: "وأنتم تقتحمون فيها" أي تلقون أنفسكم فيها، والاقتحام الدخول في الشيء أو في


(١) سورة القارعة، الآية: ٤.
(٢) شرح النووي على مسلم (١٥/ ٥٠).