للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يوصف بالمكان من جهة الحلول والتمكن وإنما يوصف من جهة العلو والرفعة، فعبر عن اطلاعه عليهم ونظره إليهم بالإشراف ولما كان الله سبحانه قائلا متكلما وكان الكلام له صفة في ذاته لم يزل ولا يزال فهو يسلم عليهم سلاما هو قول منه كما قال تعالى: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} (١).

قوله: "فإذا نظروا إليه نسوا نعيم الجنة" أي لهوا عنه بلذة النظر إلى وجهه الكريم وذلك أن ما دون الله عز وجل لا يقاوم تجليه ولولا أن الله تعالى ثبتهم لحل بهم ما حل بالجبل حين تجلى له. قوله: "حتى يحتجب عنهم" فيجوز أن يكون معناه حتى يردهم إلى نعيم الجنة الذي نسوه وإلى حظوظ أنفسهم وشهواتها التي سهوا عنها فيتمتعوا بنعيم الجنة الذي وعده لهم ويتنعمون بشهوات النفوس التي أعدت لهم وليس ذلك إن شاء الله تعالى على معنى الاحتجاب عنهم الذي هو بمعنى الغيبة والاستتار فيكونوا له ناسين وعن شهوده محجوبين وإلى نعيم الجنة ساكنين ولكنه يردهم إلى ما نسوه ولا يحجبوه عما شاهدوه حجبة غيبة واستتار، يدل على ذلك قوله: "ويبقى فيهم نوره وبركته" أي في ديارهم، وكيف يحجبهم عنه وقد وعدهم المزيد. بل يكونون في كل حال مشاهدين وبكل [جارحة] ناظرين كما حكى عن قيس المجنون أنه قيل له ندعو لك ليلى، فقال: وهل غابت عني فتدعى؟ فقيل: أتحب ليلى؟ قال: المحبة ذريعة الوصلة وقد وقعت الوصلة فأنا ليلى وليلى أنا. قوله في حديث جابر: "فيؤتون بنجائب من ياقوت أحمر أزمتها


(١) سورة يس، الآية: ٨٥.