للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إسباغ الوضوء على المكاره" المكاره هي جمع مكرهة وهو ما يكرهه الإنسان ويشق عليه والكره بالضم والفتح المشقة والمعنى أن يتوضأ مع البرد الشديد والعلل التي يتأذى معها بمس الماء ومع إعوازه والحاجة إلى طلبه والسعي في تحصيله أو ابتياعه بالثمن الغالي وما أشبه ذلك من الأسباب الشاقة (١)، فإسباغ الوضوء.

في شدة البرد من أفضل الأعمال ومن أعلى خصال الإيمان فلو لم يسبغ الوضوء بالغسل حتى ترك قدرا يسيرا من أي عضو من أعضاء الوضوء لم تصح طهارته (٢) واستحق على ذلك العقوبة إذا ترك شيئا بذلك وكذا لو كان على أعضاء الوضوء ما يمنع وصول الماء إلى البشرة كشمعة أو أثر عجين أو طعام أو غير ذلك (٣)، وقد توعد على ذلك بالنار ففي الحديث "ويل للأعقاب من النار" (٤) وقد أجمحت الأمة على تحريم الصلاة بغير طهارة من ماء أو تراب ولا فرق بين صلاة الفرض والنفل، فلو صلى محدثا متعمدا بلا عذر أثم، وهل يكفر، قال جماعة من العلماء منهم أبو حنيفة أنه يكفر لتلاعبه (٥).


(١) غريب الحديث (١/ ٢٨٤) للخطابى، ومشارق الأنوار (١/ ٣٤٠)، والنهاية (٤/ ١٦٨ - ١٦٩).
(٢) شرح النووى على مسلم (٣/ ١٣١).
(٣) انظر: التعليقة (١/ ٣٠٦)، والمجموع (١/ ٤٢٦) و (٢/ ١٩٨).
(٤) أخرجه البخارى (٦٠) و (٩٦) و (١٦٣)، ومسلم (٢٦ و ٢٧ - ٢٤١) عن عبد الله بن عمرو.
(٥) شرح النووى على مسلم (٣/ ١٠٣).