للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وتقدم الكلام على الفرق في أوائل هذا التعليق في حديث الغار (١)، ومنهم من يتوضأ مرات ويغتسل مرات، وهذا أيضًا مبتدع مكروه على الصحيح، وقيل: حرام وإليه ذهب جماعات من العلماء واستدلوا فيه بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم" وتقدم تفسير ذلك في الفرع الأول وهو دليل ظاهر، وحكي أبو الفرج ابن الجوزي عن أبي الوفاء بن عقيل أن رجلا لو انغمس في الماء مرارًا كثيرة وشك هل صح لي الغسل أم لا، فماذا ترى في ذلك؟ فقال له الشيخ: اذهب فقد سقطت عنك الصلاة، قال: وكيف ذلك؟ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "رفع القلم عن ثلاثة المجنون حتى يفيق والنائم حتى يستيقظ والصبي حتى يبلغ" ومن ينغمس في الماء مرارا وشك هل أصابه الماء أم لا فهو مجنون (٢)، قلت: ومحل الخلاف في الكراهية والتحريم إنما هو إذا فعل ذلك بما يملكه أو في ثهر ونحوه، وأما إذا فعل ذلك في الحمام فإن ذلك حرام قطعا إذ يخرج وذمته مغمورة بمال الغير لاستعماله ما زاد على حاجته، وكذلك إذا توضأ من الحياض المسبلة التي تحمل إليها الماء لاستعمال غيره فإنه يحرم عليه أن يستعمل منها ما زاد على قدر الحاجة، انتهى، قاله ابن النحاس في تنبيهه (٣)، وتقدم شيء من ذلك.

الفرع الخامس: شك في أثناء وضوئه في غسل بعض الأعضاء بني على


(١) إغاثة اللهفان (١/ ٢٢٢).
(٢) إغاثة اللهفان (١/ ٢٣٣ - ٢٣٤).
(٣) تنبيه الغافلين (ص ٥١٦ - ٥١٩).