للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الثاني: إنه - صلى الله عليه وسلم - إنما قال نحو وضوئي هذا ولم يقل مثل وضوئي هذا لأن أحدا من الأمة لا يستطيع أن يأتي بمثل العبادة التي أتى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - في صفاتها الكاملة من الإخلاص وحضور القلب والخشوع والمراقبة وحسن الأداء والإشارة إلى ذلك لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أنا أتقاكم لله وأشدكم له خشية" وقد قيل في قوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} (١) إنما قال ذلك لأن عبادته - صلى الله عليه وسلم - مقطوع بقبولها وقيل إن فرائضه لا تكمل من نوافله لكمالها وعدم نقصها بخلاف الأمة فإن النوافل تجبر ما يقع في فرائضها من الخلل (٢).

الثالث: لابد في حصول ذلك من مراعاة النحو فيأتي بوضوء يقارب ذلك الفعل ولا يأتي به بعيدا عنه لأن مدلول النحو القصد ونحا إذا قصد ونحا نحوه إذا قصد قصده (٣).

الرابع: إنما قال - صلى الله عليه وسلم - نحو وضوئي ولم يقل مثل وضوئي، لأن المثل شرطه أن يكون مساويا في سائر وجوه الشبه وفي التعبير بالنحو توسعة للمكلفين لأن أفعال المكلفين مغيرة كتغاير الدواب فالمثلية فيها لا تتحقق لقوله تعالى: {وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} (٤) ومن جملة آيات الله تعالى اختلاف


(١) سورة الإسراء، الآية: ٧٩.
(٢) شرح النووى على مسلم (٣/ ١٠٨)، ورياض الأفهام (١/ ١٤٢)، وغاية السول (ص ٨٧)، وإمتاع الأسماع (١٣/ ٢٥) وسبل الهدى والرشاد (١٠/ ٤٠٣).
(٣) إحكام الأحكام (١/ ٨٥)، والإعلام بفوائد عمدة الأحكام (١/ ٣٤٧).
(٤) سورة الروم، الآية: ٢٢.