للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الوقوع في سائر المعاصي لأنه ما من معصية إلا ويجوز أن تكون من الكبائر وهذا القول غير بعيد (١) واعلم أن من الأعمال ما يرفع الذنب السابق ولا يرفع اللاحق ومنها ما يرفع الذنب السابق واللاحق ويسمى رافعا ودافعا فمن صلى ركعتين بالصفة المذكورة غفر له ما تقدم من ذنبه فالركعتان رافعتان للذنب وصوم يوم عرفة يكون رافعا لذنوب السنة الماضية ولذنوب السنة المستقبلة حتى إذا فعل ذنبا لم تأخذه عليه الملائكة وصدقة الفطر طهرة للصائم من لغوه ورفثه الواقع في رمضان كما جاء في الخبر وعندنا يجوز تقدمهما من أول رمضان فهي حينئذ تكون دافعة لما يقع من الصائم من اللغو والرفث وإن تأخرت كانت رافعة (٢) فمن صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه فقد قام بهذه الأوصاف فلذلك يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ومن صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه فقد دخل في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} (٣).

فائدة صوفية جليلة:

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه" إشارة إلى مقام الإحسان وهو أن تعبد الله كأنك تراه وإذا كنت تراه اشتغلت بمناجاته وغفلت عن نفسك وعما تحدث فيها من الفواحش الواردة من جهة النفس


(١) انظر: التفسير البسيط (٦/ ٤٧٤)، وشرح النووى على مسلم (٢/ ٨٤ - ٨٥).
(٢) المنثور (١/ ٤٣١).
(٣) سورة التوبة، الآية: ١١١.