للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واعلم أن التأخير المذكور في هذا الحديث وغيره كله تأخير لم يخرج عن وقت الاختيار (١) وللشافعي قولان أحدهما أن وقت الاختيار يمتد إلى ثلث الليل والثاني إلى نصفه وهو الأصح وفي الحديث كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤخر صلاة العشاء إلى ثلث الليل قال أبو العباس ابن سريح لا اختلاف في الروايات ولا عن الشافعي بل المراد ثلث الليل أنه أول ابتدائها وبنصفه آخر انتهائها ويجمع بين الأحاديث بهذا وهذا الذي قاله يوافق ظاهر ألفاظ هذه الأحاديث لأن قوله - صلى الله عليه وسلم - "وقت العشاء إلى نصف الليل" ظاهره أنه أخر وقتها المختار، وأما حديث بريدة وأبي موسى فيهما أنه شرع بعده لنصف الليل وحينئذ يمتد إلى قريب من النصف فتتفق الأحاديث الواردة في ذلك قولا وفعلا (٢)، وقال ابن أبى هريرة: من علم حاله أن النوم لا يغلبه فالتأخير فى حقه أفضل، ومن لا يكون منه ذلك فالتعجيل له أفضل ونزل النص على اختلاف الحالين (٣) وقال آخرون أنه اختلف باختلاف الأوقات ففي الشتاء ورمضان يؤخر وفي غيرهما يقدم وإنما أخرت فى الشتاء لطول الليل وكراهة الحديث بعدها وقيل غير ذلك (٤) والله أعلم.

وللعشاء وقت الفضيلة أول وقت ووقت الاختيار إلى ثلث الليل وقيل


(١) شرح النووي على مسلم (٥/ ١٣٧).
(٢) شرح النووي على مسلم (٥/ ١١٦ - ١١٧).
(٣) النجم الوهاج (٢/ ٢٣).
(٤) إحكام الأحكام (١/ ١٦٦).