الواحدة وإن بينهما في الفضل كما بين السماء والأرض فذلك بأن أحدهما مقبل بقلبه على الله عز وجل والآخر ساه غافل، وقد روي أن العبد إذا قام يصلي قال الله عز وجل أن نحوا الحجب فإذا التفت قال أرخوها وقد فسر هذا الالتفات بالتفات القلب عن الله عز وجل إلى غيره فإذا التفت إلى غيره أرخى الحجاب بينه وبين العبد فدخل الشيطان وعرض عليه أمور الدنيا وأراه إياه في صوت المرأة وإذا أقبل على الله تعالى بقلبه ولم يلتفت لم يقدر الشيطان على أن يتوسط بين الله وبين ذلك القلب وإنما يدخل الشيطان إذا رفع الحجاب فإن فر إلى الله وأحضر قلبه فر الشيطان فإن التفت حضر الشيطان فهو هكذا شأنه وشأن عدوه في الصلاة قاله ابن قيم الجوزية في بعض مصنفاته.
قوله:"وأمركم بالصيام فإن مثل ذلك كمثل رجل في عصابة" العصابة بكسر العين وبالصاد المهملتين الجماعة من الناس من العشرة إلى الأربعين.
قوله:"وأمركم الصيام وإن ريح الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" فسيأتي الكلام عليه مبسوطا في بابه إن شاء الله تعالى.
قوله:"وأمركم أن تذكروا الله فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في إثره سراعا" أثره بفتح الهمزة والثاء المثلثة ويجوز كسر الهمزة وسكون الثاء المثلثة لغتان مشهورتان وسراعا معناه مسرعين.
قوله:"حتى إذا أتى على حصن حصين" الحصن واحد الحصون وهي القصور والقلاع لكي يتحصن فيها وحصين فعيل للمبالغة أي شديد المنع