للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لو اغتسلتم يوم الجمعة" (١). وهذا اللفظ يقتضى على أنه ليس بواجب لأن تقريره أفضل لكان أفضل أو أكمل ونحو هذا من العبارات ولأنه غسل لأمر مستقبل فلم يجب كغسل العيد، وأجابوا عن الأحاديث الواردة في الأمر به أنها محمولة على الندب جمعا بين الأحاديث (٢).

قال الخطابي رحمه اللّه تعالى (٣): قوله: "غسل الجمعة واجب على كل محتلم" معناه وجوب الاختيار والاستحباب دون وجوب الفرض واللزوم وإنما شبهه بالواجب تأكيدا كما يقال: فلان يجب علينا رعايته وكما يقول الرجل لصاحبه: حقك واجب علي وإنما ذكر بهذا اللفظ مبالغة في الاستحباب لا أن المراد الواجب المحتم المعاقب على تركه (٤) اهـ.

ولأن القوم كانوا يلبسون الصوف ويعملون في المهنة وكان المسجد ضيقا متقارب السقف فإذا عرقوا تأذي بعضهم برائحة بعض فنبهم - صلى الله عليه وسلم - إلى الاغتسال بلفظ الوجوب ليكون ادعى للإجابة (٥)، وكان الحسن يراه لازما


(١) أخرجه مسلم (٦ - ٨٤٧)، والبُخَارِيّ أيضا (٩٠٢) و (٩٠٣) و (٢٠٧١)، عن عائشة. انظر جامع الأصول (٥٣٦٧).
(٢) شرح النووي على مسلم (٦/ ١٣٣ - ١٣٤).
(٣) ينظر: معالم السنن (١/ ١٠٦).
(٤) شرح النووي على مسلم (٦/ ١٣٤).
(٥) شرح المصابيح (١/ ٣٣٦) ونحو هذا ذكره ابن عباس كما أخرجه أبو داود (٣٥٣) وابن خزيمة (١٧٥٥) عن عكرمة، أن أناسا من أهل العراق جاءوا فقالوا: يا ابن عباس أترى الغسل يوم الجمعة واجبا؟ قال: لا، ولكنه أطهر، وخير لمن اغتسل، ومن لم يغتسل فليس =