للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فقال: كذبت بعدما تكلموا بلسانك وصلوا قبلتكم وحجوا حجتكم.

قوله: إن شئت فعلت؛ أي: قتلت، هذا يحتمل أمرين، أقلهما: أنه استفتى أو تطييبا لقلبه - رضي الله عنه -، فقال له عمر: كذبت هو من باب التدريب كفعل الوالد لولده لأنك قلت غير ما تعتقده من قتل المسلم بغير حق لأنك تعتقد أن المسلم لا يجوز قتله إلا بإحدى ثلاث الثجب الزاني والثفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة؛ ويحتمل قوله: (كذبت) أي: أخطأ فإن العرب تعبر عن الخطأ بالكذب (١).

قوله: بعدما تكلموا بلسانكم، أي: أقروا بالشهادة، وهي تعظم الدم والمال، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "أمرت أن أقاتل الناس" (٢) الحديث.

قوله: وصلوا قبلتكم، وقد نهى - صلى الله عليه وسلم - عن قتل المصلين (٣).

قوله: وحجوا حجتكم، أي: أتوا بجملة من شرائع الإسلام، وفيه: إشارة إلى أنه شرط لصحة الإسلام التزام الأحكام، وبه قال مالك خلافًا للشافعي رضي الله عنهما؛ فإن قيل: لم يذكر له الزكاة، وهي من شرائع الإسلام؟ فالجواب: أن المتحدث عنهم السبي وهم أرقاء، والرقيق: لا زكاة عليه لأنه لا يملك مالا، ولو ملكه السيد على الأخص، بخلاف الحج، فإنه يصح من


(١) انظر فتح الباري (٧/ ٦٤)، وعمدة القارى (١٦/ ٢١١).
(٢) أخرجه البخاري (٢٥)، ومسلم (٣٦ - ٢٢) عن ابن عمر. وأخرجه البخاري (٢٩٤٦) ومسلم (٣٣ و ٣٤ - ٢١) عن أبي هريرة.
(٣) أخرجه أبو داود (٤٩٢٨) عن أبي هريرة. وقال الألباني: صحيح، المشكاة (٤٤٨١/ التحقيق الثاني).