للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لغير ضرورة سؤالا منهيا عنه وأكثر منه كما في الرِّواية الأخرى من سأل تكثرا فإنما يسأل جمرا (١) قال ابن بطالى فيه ذم السؤال وتقبيحه، وفهم البخاري، رحمه اللّه، أن الذي يأتى يوم القيامة لا لحم في وجهه من كثرة السؤال أنه السائل تكثرا لغير ضرورة إلى السؤال (٢)، أي يستكثر بسؤاله المال لا يريد به سد الخلة قال وجازاه اللّه من جنس ذنبه حين بذل ماء وجهه وعنده الكفاية (٣) والحكمة في ذهاب لحم وجهه وصول حر الشمس إلى العظام بحيث لا يقيها شئ وقال في المفهم: وخص الوجه لأنه بذله فيما أمر بصونه عنه ففى هذا الحديث النهى عن السؤال واتفق العُلماء على تحريم ذلك إلا لضرورة فإذا كان قادرا على الكسب فالصحيح أن السؤال حرام وقيل مكروه بشرط أن لا يذل نفسه وأن لا يلح فيه وأن لا يؤذى المسؤول وإن فقد أحد الشروط فهو حرام، وقال في الميسر وقد عرفنا اللّه - سبحانه - أن الصور في الدار الآخرة تختلف باختلاف المعاني، قال اللّه تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} (٤) فالذى يبذل وجهه لغير اللّه في الدنيا، من غير ضرورة، بل للتكثر يصيبه شين في الوجه بذهاب اللحم عنه، ليظهر للناس فيه على صورة المعنى الذي خفي عليهم (٥).


(١) شرح النووي على مسلم (٧/ ١٣٠).
(٢) شرح الصحيح (٣/ ٥١٢).
(٣) الكواكب الدراري (٨/ ٢٠).
(٤) سورة آل عمران، الآية: ١٠٦.
(٥) الميسر (٢/ ٤٣٣).