للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَال: تَرَكْتُهُمْ؛ إِن أُعْطُوا شكَرُوا، وَإِنْ مُنعُوا صَبرُوا، وَظَنَّ أنَهُ لَمَّا وَصَفَهُمْ بِتَرْكِ السُّؤَال؛ قَدْ أَثْنى عَلَيْهِمْ غَايَةَ الثَّنَاء، فَقَال شَقِيق: هَكَذَا تَرَكْتُ كِلَابَ بَلْخ - قَالَ - رضي الله عنه -: الفُقَرَاءُ عِنْدَنَا؛ إِنْ مُنِعُوا شكَرُوا، وإِن أُعْطُوا آثَرُوا فَقَبَّلَ إِبْرَاهِيمُ رَأْسَهُ وَقَال: صَدَقْتَ يَا أُسْتَاذِي ... !

فإذن درجات أرباب الأحوال في الرضى والصبر والشكر والسؤال كثير فلابد لسالك طريق الآخرة من معرفتها ومعرفة أسبابها واختلاف درجاتها (١).

قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "ومن يستعفف يعفه الله" قال: الإمام أبو عبد الله القرطبي (٢) في كتابه قمع الحرص قال علماؤنا الاستعفاف الصبر ومنه قوله: تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا} (٣) قال ابن عرفة وغيره: من أهل اللغة أي ليصبروا فالمعنى من يستعفف عن السؤال للخلق يعفه الله أي يجازيه على استعفافه بصيانة وجهه ورفع فاقته وربما أثمر له العفة غنى قلبه بربه عن خلقه والتيه به على عباده كما قال: بعضهم فأحسن:

لَبِسْتُ بِالْعِفَّةِ ثَوْبَ الْغَنِيِّ ... فَصِرْتُ أَمْشِي شَامِخَ الرَّاسِ

إِذَا رَأَيْتُ التِّيهَ مِنْ ذِي الْغِنَا ... تُهْتُ عَلَى التَّائِهِ بِالْيَأسِ أ. هـ

قوله: يعفه الله بفتح الفاء، قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "ومن يستغن يغنه الله" الحديث قال التيمي: من يستغني يغنه الله شَرط وَجَزَاء وعلامة الْجَزْم حذف الْيَاء أَي من


(١) إحياء علوم الدين (٤/ ٢١٥).
(٢) قمع الحرص (ص ٤٤).
(٣) سورة النور، الآية: ٣٣.