للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

متعففون عن المسألة عفة تامة وعلى هذا جمهور العلماء المفسرين ويكون التعفف صفة ثابتة لهم أي لا يسألون إلحافًا ولا غير إلحاف وقال: قوم إن المراد نفي الإلحاف أي أنهم يسألون غير ملحفين وهذا هو السابق للفهم وفي هذا تنبيه على سوء حالة من يسأل إلحافًا لأنه يسأل مستكثرًا ولذلك يكون بغيضًا مقيتًا لقوة حرصه وعماه عن ربه حين اشتغل بمسألة الناس عن مسألة كريم يحب الملحين في الدعاء وألحف بسؤاله فهو يكلح وجهه عند السؤال ويبخل بالبذل عند النوال وأما سؤال غير ملحف عند الحاجة فجائز كما تقدم وقد ثبت في الصحيح قوله - عليه السلام -: "رب أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له" (١) الحديث ففي هذا دليل على جواز المسألة والطلب لكن من غير إلحاف وقد يكون وجه سؤال الفقير إرادة نفع الناس به لينالوا جزيل الثواب وكريم المآب لما في عطية الفقراء من الفضل.

وجاء رجل إلى الجنيد فقال: يا شيخ رأيت النورى يسأل الناس فقال: إنما يسأل لهم يعني ليؤجروا، ورأيت هذه الحكاية مطولة (وذلك كما روي أن) بعضهم رأى أبا الحسين النوري مد يده ويسأل الناس في بعض المواطن فاستعظمت ذلك واستقبحته فلما أتيت الجنيد فأخبرته فقال: لا يعظم هذا عليك فإن النوري لا يسأل الناس إلا ليعيطهم إنما سألهم ليثيبهم من الآخرة فيؤجرون من حيث لا يضره (٢) وكأنه أشار إلى قوله - صلى الله عليه وسلم - "يد المعطي هي


(١) صحيح مسلم (٢٦٢٢).
(٢) قوت القلوب (٢/ ٢٣٧ - ٢٣٨).