لحاجة وضرورة، بل لقصد غنى وزيادة (إلا فتح اللّه عليه باب فقر) أي: باب احتياج آخر وهلم جرا، أو بأن سلب عنه ما عنده من النعمة فيقع في نهاية من النقمة، كما هو مشاهد في أصحاب التهمة، ومثل حاله بالحمار الذي ليس له الذنب، وهو دائر في الطلب، فدخل في بستان حريصا عليه فقطع الحارث أذنيه، وشبه أيضا بكلب في فمه عظم، ومر على نهر لطيف يظهر من تحته عظم نظيف، ففتح الكلب فمه حرصا على أخذ ما في قعر الماء فوقع ما في فمه من العظم في الماء، فالحرص شؤم والحريص محروم (١).
قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وأحدثكم حديثا فاحفظوه، قال: إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه اللّه مالا وعلما فهو يتقي اللّه فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم للّه فيه حقا فهذا بأفضل المنازل" الحديث، تقدم الكلام على النفر في أول الباب في حديث الغار مبسوطا، ويجوز في قوله:"وعبد رزقه اللّه مالًا" الكسر والرفع، والمراد بالرحم: صلة الأقارب، والمراد بقوله:"يعلم للّه فيه حقًّا" الزكاة المفروضة الواجبة في ماله.
قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وعبد رزقه اللّه علمًا ولم يرزقه مالًا فهو صادق النية يقول: لو أن لي مالًا لعملت بعمل فلان فهو بنيته فأجرهما سواء ... " الحديث. قال العلماء: ومتى اقترن بالنية قول أو سعى تأكد الجزاء والتحق صاحبه بالعامل لهذا الحديث، وقد حمل قوله "فهما في الأجر سواء" على استوائهما في أصل أجر العمل دون مضاعفته، فالمضاعفة يختص بها من عمل العمل دون من نواه ولم